خلق الشجاعة الذي هو توسط بين الجبن والتهور ، وعلى خلق الحلم. الذي هو توسط بين الغضب والمهانة.
وانما كان للتوسط هذه المكانة الجليلة لان كل خلق محمود ـ كما يتحدث ابن القيم في توسع ـ مكتنف بخلقين ذميمين ، وهو وسط بينهما ، وطرفاه خلقان ذميمان ، كالجود الذي يكتنفه خلقا البخل والتبذير ، والتواضع الذي يكتنفه خلقا المهانة والكبر. فان النفس متى انحرفت عن «التوسط» انحرفت الى احد الخلقين الذميمين ، ولا بد ، فاذا انحرفت عن خلق «التواضع» انحرفت اما الى كبر واما الى ذلة. واذا انحرفت عن خلق «الحياء» انحرفت اما الى وقاحة واما الى خور ... وكذلك اذا انحرفت عن خلق «الصبر المحمود» انحرفت اما الى جزع ، واما الى غلظة.
واذا انحرفت النفس عن خلق «الحلم» انحرفت اما الى طيش واما الى عجز ، واذا انحرفت عن خلق «الرفق» انحرفت اما الى عنف ، واما الى اضاعة. واذا انحرفت عن خلق «العزة» التي وهبها الله للمؤمنين ، انحرفت اما الى كبر ، واما الى ذل. واذا انحرفت عن خلق «الشجاعة» انحرفت اما الى تهور ، واما الى جبن. واذا انحرفت عن خلق «القناعة» انحرفت اما الى الحرص ، واما الى الخسة. واذا انحرفت عن خلق «الرحمة» انحرفت اما الى القسوة ، واما الى ضعف القلب ... الخ
ثم يقول الامام ابن القيم : «وصاحب الخلق الوسط مهيب محبوب ، عزيز جانبه ، حبيب لقاؤه. وفي صفة نبينا صلىاللهعليهوسلم : من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه عشرة أحبه».
* * *
وقد يظن ظان ان بلوغ فضيلة التوسط امر سهل ميسور ، مع ان الشوط اليها بعيد ، وقد تحدث حجة الاسلام الغزالي عن شدة الغموض