الآيات تدل على ذلك في كل موضع ، لان الجزاء في حكم الله الحق وشرعة العدل على الاعمال.
وللسابقين في كل عمل فضيلة السبق والامامة في كل عصر ، ويمتاز عصر الرسول الذي وجد فيه الاسلام ، واقيم بنيانه ، ورفعت اركانه ، ونشرت في الخافقين اعلامه ، على كل عصر بعده ، وهم الاقلون المقربون ، كما قال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ، أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ، ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ، وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (١).
وفي سورة الحشر نجد القرآن الكريم يتحدث عن السابقين من المهاجرين والانصار ، ثم يتحدث عمن جاءوا بعدهم ، فيصفهم بانهم يترحمون على الذين سبقوهم في الايمان ، فيقول : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ ، وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٢).
يقول ابن ابي ليلى عند هذه الآية : «الناس على ثلاثة منازل : المهاجرون ، والذين تبوأوا الدار والايمان ، والذين جاؤ من بعدهم ، فاجهد ان لا تخرج من هذه المنازل».
وقال بعضهم : «كن شمسا ، فان لم تستطع فكن قمرا ، فان لم تستطع فكن كوكبا مضيئا ، فان لم تستطع فكن كوكبا صغيرا ، ومن جهة النور لا تنقطع». ومعنى هذا ـ كما ذكر القرطبي ـ : كن مهاجريا ، فان قلت : لا أجد ، فكن أنصاريا ، فان لم تجد فاعمل كأعمالهم ، فان لم تستطع فأحبهم واستغفر لهم كما أمرك الله.
* * *
__________________
(١) سورة الواقعة ، الآيات ١٠ ـ ١٤.
(٢) سورة الحشر ، الآية ١٠.