والمسارعون الى الخيرات ، المسابقون الى الطاعات ، يصورهم القرآن المجيد لنا ، فاذا فيهم طائفة من الصفات تجعلهم أهلا للسبق من جهة ، وأهلا لمكانة السابقين العظيمة من جهة اخرى ، فهو يقول مثلا في سورة آل عمران : (ليسوا سواء ، من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ، يؤمنون بالله واليوم الآخر ، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويساعدون في الخيرات ، وأولئك من الصالحين ، وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ، والله عليم بالمتقين) (١). فهم من صلاحهم واستقامتهم ، وطاعتهم وخشيتهم ، يبادرون الى فعل الخيرات خوف الفوات بالموت ، أو هم يعملون الاعمال الصالحة نشطين غير متثاقلين ، لعلمهم بجلال موقعها وحسن عاقبتها وقدر ثوابها ، وشأن المؤمن المخلص أنه لا يتباطأ عما يعن له من الخير ، وانما يتباطأ الذين في قلوبهم مرض ، كما قال الله تعالى في المنافقين : (ان المناقين يخادعون الله وهو خادعهم واذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله الا قليلا) (٢).
ويعود القرآن المجيد في سورة «المؤمنون» فيذكرنا بأن المسابقين الى الخيرات تكون لهم مجموعة من الصفات والافعال والخلال الكريمة ، فيقول : (ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون ، والذين هم بآيات ربهم يؤمنون ، والذين هم بربهم لا يشركون ، والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم الى ربهم راجعون ، أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون) (٣). أي يرغبون في الطاعات أشد الرغبة فيبادرونها ، أو يسارعون في الدنيا الى وجوه المنافع والاكرام ، فالله تعالى يهيئها لهم ،
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآيات ١١٣ ـ ١١٥.
(٢) سورة النساء ، الآية ١٤٢.
(٣) سورة المؤمنون ، الآيات ٥٧ ـ ٦١.