وهم يسارعون الى نيلها ، وهم لها سابقون ، أي فاعلون السبق لأجلها ، أو هم سابقون الناس لأجلها.
والقرآن يحدثنا في سورة فاطر بأن الامة المؤمنة قد تفوز وتنجو في عمومها ، وقد ينال أبناؤها حظوظهم من رحمة الله أو فضله ، ولكن السابقين بالخيرات يظلون فائزين دون سواهم بالحظ الاوفر والنعيم الاكبر ، فيقول : (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ، فمنهم ظالم لنفسه ، ومنهم مقتصد ، ومنهم سابق بالخيرات باذن الله ، ذلك هو الفضل الكبير ، جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ، وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ، ان ربنا لغفور شكور ، الذي أحلنا دار المقامة من فضله ، لا يمسنا فيها نصب ، ولا يمسنا فيها لغوب) (١).
* * *
ولقد طرق الصوفية شجونا كثيرة من فنون القول وهم يتحدثون على طريقتهم الخاصة عن هذه الآية ، ليفسروا فيها الظالم لنفسه ، والمقتصد ، والسابق بالخيرات ، وحاول القرطبي والنيسابوري والقشيري أن يجمعوا شتات هذه الآراء ، وفيما يلي نستعرض مجموعة الكلمات التي قيلت في تبيان هذه الآية الكريمة ، التي نزلت في شأن أمة محمد عليه الصلاة والسّلام كما يقرر بعض المفسرين ، كما يروى أنه لما نزلت هذه الآية قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أمتي ورب الكعبة» ثلاث مرات.
وهذه هي الاقوال الواردة في بيان الاصناف الثلاثة :
١ ـ الظالم من غلبت زلاته ، والمقتصد من استوت حالاته ، والسابق من زادت حسناته.
__________________
(١) سورة فاطر ، الآيات ٣٢ ـ ٣٥.