اخلص نفسك وقلبك للدين ، وكن مائلا عن الزيغ والبدع ، داخلا في جملة من أخلص ، ولا تلتفت الى هؤلاء الضالين المنحرفين ، فانك على الحق المبين.
ويعود القرآن الكريم الى ذكر التحنف منوها بفضله ومكانته ، فيقول في سورة الحج : (فاجتنبوا الرجس من الاوثان ، واجتنبوا قول الزور ، حنفاء لله غير مشركين به ، ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير ، أو تهوي به الريح في مكان سحيق) (١). وقوله : (حُنَفاءَ لِلَّهِ) أي مخلصين له الطاعة والعبادة ، ثابتين على دينه وملته.
ويعود القرآن الكريم في موطن ثالث ليقول في سورة الروم : (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله ، ذلك الدين القيم ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، منيبين اليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين ، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ، كل حزب بما لديهم فرحون) (٢).
وقوله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) أي اخلص نفسك للاسلام ولعقيدة التوحيد ، واستقم بدينك نحو الجهة التي وجهك الله اليها ، مائلا عن كل ما عدا هذا الدين من دين او ملة ، ولا يكن في قلبك شيء آخر سواه ، فهذه هي فطرة الله التي فطر الناس عليها ، أي ما ركز فيهم من فوة على معرفة الايمان بالله جل جلاله.
ولقد روى البخاري ومسلم قول رسول الله عليه الصلاة والسّلام : «أحب الدين الى الله الحنيفية السمحة». وفي رواية : «بعثت بالحنيفية السمحة السهلة». والحنيفية هي الاخلاص لله وحده في
__________________
(١) سورة الحج ، الآية ٣٠ ، ٣١.
(٢) سورة الروم ، الآيات ٣٠ ـ ٣٢.