وكذلك جاء على لسان ابراهيم في سورة الانعام قوله : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ). الآية ٧٩.
ولعل السر في تكرار القرآن الكريم نسبة «الحنيفية» الى ابراهيم عليهالسلام ـ والله أعلم بمراده ـ هو أن ابراهيم ضرب مثلا كريما في مقاومة الاشراك بالله ، والاحتفاظ بنفسه صافية ، وبقلبه سليما ، ودعا ربه أن يطهره ويطهر أبناءه من الوثنية والضلال ، (واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبنيّ ان نعيد الاصنام) (١). وهو الذي قال لقومه : (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله ، وادعوا ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا) (٢).
وجاء في القرآن الكريم على لسان ابراهيم ما يذكرنا بالفطرة ، وما يذكرنا بوجوب التحنف والميل عن الضلال الى الهدى ، وعن عبادة أي شيء الا عبادة الله الواحد القهار ، فجاء في سورة الانبياء وهي تتحدث عن ابراهيم : (قال بل ربكم رب السماوات والارض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين) (٣). وجاء فيها : (قال : أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم؟ أف لكم ولما تعبدون من دون الله ، أفلا تعقلون) (٤)؟.
وعبر القرآن عن الفطرة السليمة والحنيفية الصافية والباطن الطاهر عند ابراهيم عليهالسلام ، فقال عنه في سورة الصافات : (اذ جاء ربه بقلب سليم) (٥). أي أعرض عن كل شاغل ، وأقبل على ربه ومولاه
__________________
(١) سورة ابراهيم ، الآية ٣٥.
(٢) سورة مريم ، الآية ٤٨.
(٣) سورة الانبياء ، الآية ٥٦.
(٤) سورة الانبياء ، الآيتان ٦٦ و ٦٧.
(٥) سورة الصافات ، الآية ٨٤.