سورتي المؤمنون والمعارج : (الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم غير ملومين) (١). وقوله في سورة الذاريات : (فتول عنهم فما أنت بملوم) (٢). أي ليس لأحد أن يوجه اليك اللوم ، واللائمة هي الامر الذي يلام عليه الانسان.
هذا بعض حديث اللغة عن «اللوم». فما حديث الأخلاق؟.
* * *
ان المراد بفضيلة لوم النفس في حديث القرآن الاخلاقي ، هو أن يتعود الانسان ملاحظة نفسه ، في أقوالها واعمالها ، وحركاتها وسكناتها ، ليتابعها ويقوّم سعيها ، ويراجعها حين تنحرف ، أو تهم بشيء من الانحراف ، ليعيدها الى الصراط ، ويقيمها عليه ، ويلزمها به ، وكذلك يراجعها وهي تسعى وانية أو بطيئة في مجال الخير ، ليفجر فيها ينابيع النشاط والقوة والاجتهاد ، حتى تزداد من الخير ، وتجتهد في ميدان البر.
وكأن الانسان بهذه الفضيلة الاخلاقية القرآنية يقيم من نفسه على نفسه بنفسه ديدبانا أو حارسا يقظا حذرا ، يمنعها من السوء ، ويدفعها الى الطيب من العمل والقول والتفكير ، وكأن هذه المتابعة للنفس هي ما يسميه أهل عصرنا بسلطة «الضمير».
وليست فضيلة اللوم للنفس غاية تطلب لذاتها ، بمعنى انه ينبغي أن يعاتب الانسان نفسه ، ويلومها لمجرد اللوم والمعاتبة ، وانما هي فضيلة مطلوبة عند وجود داعيها ومقتضيها ، فلو أن الانسان حافظ على
__________________
(١) سورة المؤمنون ، الآية ٦. وسورة المعارج ، الآية ٣٠.
(٢) سورة الذاريات ، الآية ٥٤.