وخلص منه سمي خالصا ، ويسمى الفعل المصفي المخلص اخلاصا ، قال الله تعالى : (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ). فانما خلوص اللبن أن لا يكون فيه شوب من الدم والفرث ، ومن كل ما يمكن أن يمتزج به. والاخلاص يضاده الاشراك ، فمن ليس مخلصا فهو مشرك ، الا أن الشرك درجات ، فالاخلاص في التوحيد يضاده التشريك في الالهية ، والشرك منه خفي ، ومنه جلي ، وكذا الاخلاص ، والاخلاص وضده يتواردان على القلب ، فمحله القلب».
*
ولقد ذكر القرآن الكريم «اخلاص الدين لله» في مواطن كثيرة ، كقوله في سورة البينة : (وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) (١). الدين الخالص هو الدين السليم الطاهر ، الذي لا تشوبه شائبة من شرك أو رياء ، ويقال : أخلص الانسان دينه لله ، أي جعله كله ابتغاء وجه الله ، ووقفه عليه محضا خالصا من كل عيب أو دنس.
ويقول القرآن في سورة النساء : (ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ، الا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فاولئك مع المؤمنين وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما) (٢). ويذكر تفسير المنار أن اخلاص الدين لله هو أن يتوجه الانسان بدينه الى ربه وحده ، لا يدعو من دونه أحدا ، ولا يدعو معه أحدا ، لا لكشف ضر ، ولا لجلب نفع ، ولا يتخذ من دونه أولياء يجعلهم وسطاء عنده ، بل يكون كل ما يتعلق بالدين والعبادة خالصا له وحده ،
__________________
(١) سورة البينة ، الآية ٥.
(٢) سورة النساء ، الآيتان ١٤٥ و ١٤٦.