(أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ) لا يفيد الحصر ، وقوله تعالى : (قُلِ اللهَ أَعْبُدُ) يفيد الحصر ، يعني : الله أعبد ولا أعبد أحدا سواه.
*
ومن عظيم شأن الاخلاص أننا نجد القرآن المجيد ينسبه الى أنبياء الله ورسله ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فيقول في سورة مريم : (واذكر في الكتاب موسى انه كان مخلصا وكان رسولا نبيا) (١). وكلمة «مخلصا» فيها قراءتان ، الأولى بفتح اللام عند حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ، ومعناه : أخلصه الله وجعله مختارا خالصا من الدنس. والقراءة الثانية بكسر اللام ، عند ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر والمفضل عن عاصم ، ومعناه : الذي وحد الله ، وجعل نفسه خالصة في طاعة الله غير دنسة.
وقال الله تعالى في سورة يوسف عن يوسف : (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين) (٢). وفي كلمة «المخلصين» قراءتان أيضا.
وفي سورة ص : (واذكر عبادنا ابراهيم واسحاق ويعقوب أولي الايدي والابصار ، انا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ، وانهم عندنا لمن المصطفين الاخبار) (٣). وأخلصناهم : أي اخترناهم واصطفيناهم ، والخالصة هي الخلة والصفة ، أي اصطفيناهم بسبب خلة خاصة فيهم ، هي تذكيرهم بالدار الآخرة ، وذلك شأن الأنبياء.
ولجلال فضيلة الاخلاص لا يستطيع الشيطان أن يسيطر على
__________________
(١) سورة مريم ، الآية ٥١.
(٢) سورة يوسف ، الآية ٢٤.
(٣) سورة ص ، الآيات ٤٥ ـ ٤٧.