أوفوا بعهدي. اكتفوا مني لي ، أوف بعهدكم بكم عنكم.
أوفوا بعهدي في دار الغيبة على بساط الخدمة بشد نطاق الطاعة وبذل الوسع والاستطاعة ، أوف بعهدكم في دار القربة على بساط الوصلة بادامة الانس والرؤية وسماع الخطاب وتمام الزلفة.
أوفوا بعهدي في المطالبات بترك الشهوات ، أوف بعهدكم بكفايتكم تلك المطالبات.
أوفوا بعهدي بأن تقولوا (١) أبدا : ربي ربي ، أوف بعهدكم بأن أقول لكم ، عبدي عبدي. (٢)
واياي فارهبون : أن أفردوني بالخشية ، لانفرادي بالقدرة على الايجاد ، فلا تصح الخشية ممن ليس له ذرة ولا منة» (٣).
هذا ويقول ابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» : «الوفي محفوظ من الله ، مشكور بين الناس».
*
واذا كان القرآن الكريم والسنة المطهرة قد مجدا فضيلة الوفاء كل هذا التمجيد ، فانهما قد حملا حملة رادعة على الخيانة والغدر ، فقال القرآن : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ). وقال : (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ). وقال : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ). وقال : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً). وقال : (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً). وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
__________________
(١) أي يقول كل منكم : ربي ربي.
(٢) أي : أقول لكل منكم : عبدي عبدي.
(٣) لطائف الإشارات ، ج ١ ص ٩٦.