وحارب الاسلام الخيانة حتى مع غير الأولياء ، فقال القرآن : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا).
وقال الرسول عليه الصلاة والسّلام : «أيما رجل أمّن رجلا على دمه ، ثم قتله ، فأنا من القاتل بريء ، وان كان المقتول كافرا». وقال : «لا دين لمن لا عهد له» ونظر أبي الحديد الى هذا النص الكريم فقال : «الغدر يحبط الايمان (١)».
وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ويل لمن وعد ثم أخلف» قالها ثلاثا. وأخبرنا أن التنكر لفضيلة الوفاء من شيم المنافقين فقال : «أربع من كنّ فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : اذا اؤتمن خان ، واذا حدّث كذب ، واذا عاهد غدر ، واذا خاصم فجر». وفي رواية قال : «ثلاث من كنّ فيه فهو منافق ، وان صام وصلى وزعم أنه مسلم : اذا حدّث كذب ، واذا وعد أخلف ، واذا اؤتمن خان». ويقول الرسول أيضا : «لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة». وكان النبي يدعو ربه قائلا : «أعوذ بك من الخيانة ، فانها بئس البطانة»!. واهتدى الامام علي بهديه فقال : «كل غدرة فجرة ، ولكل فجرة كفرة ، ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة».
والقرآن المجيد يقبح في أنظارنا وأفكارنا صور الخائنين الغادرين المتنكرين لفضيلة الوفاء ، فيقول في سورة البقرة : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ ، وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ، أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) أي ينقضون عهد الله الموثق المؤكد ، بتعطيل الملكات والطاقات عن استخدامها استخداما سليما ، وبعدم السمع والطاعة والانابة.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ، ج ١ ص ٤٩٢.