قوله سبحانه : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ست مرات في سور : آل عمران (مرتين) والمائدة والتوبة والمجادلة والتغابن.
ويقول العلماء ان التوكل نصف الدين والنصف الآخر هو الانابة ، لان الدين استعانة وعبادة ، فالتوكل هو الاستعانة ، والانابة هي العبادة ، كما أن التوكل الحقيقي الصادق يكون طريقا للفوز والنصر ، وهذا هو «تفسير المنار» يتحدث عن قول الله تعالى في سورة الأنفال : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فيقول هذه العبارة :
(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) : أي يكل اليه أمره مؤمنا ايمان اذعان واطمئنان بانه هو حسبه وكافيه ، وناصره ومعينه ، وأنه قادر لا يعجزه شيء ، عزيز لا يغلبه ولا يمتنع عليه شيء أراده ، (فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) : أي فهو تعالى ـ بمقتضى عزته وحكمته ، عند ايمانهم به ، وتوكلهم عليه ـ يكفيهم ما أهمهم ، وينصرهم على أعدائهم ، وان كثر عددهم ، وعظم استعدادهم ، لانه عزيز غالب على أمره ، حكيم يضع كل أمر في موضعه ، على ما جرى عليه النظام والتقدير في سننه ، ومنه نصر الحق على الباطل.
بل كثيرا ما تدخل عنايته بالمتوكلين عليه في باب الآيات وخوارق العادات ، كما حصل في غزوة بدر ، وآيات الله لا نهاية لها ، وان أجمع المحققون على أن التوكل لا يقتضي ترك الأسباب من العبد ، ولا الخروج عن السنن العامة في أفعال الرب».
كما أن التوكل الحقيقي الصادق يفتح أمام صاحبه طريقا الى الجنة بغير حساب ، فقد جاء في الحديث المتفق عليه أن سبعين ألفا من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم يدخلون الجنة بغير حساب : «هم الذين لا يسترقون (من الرقية) ، ولا يتطيرون ، ولا يكتوون ، وعلى ربهم يتوكلون». ولا عجب فالتوكل كل رجوع بصير كامل الى رحاب الله عزوجل ، وهذا يورث الرضا الالهى ، وهو الفوز الأكبر ، ومن هنا يقول أبو عثمان