فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ، وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ، وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً ، أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ).
*
وللصوفية مع «الاخبات» حديث ، فالاخبات عندهم ـ كما يقول الهروي ـ هو أول مقامات الطمأنينة. وكذلك يقول الهروي : «الاخبات ورود المأمن من الرجوع والتردد». ويقبل ابن القيم على شرح هذه الجملة فيقول : «لما كان الاخبات أول مقام يتخلص فيه السالك من التردد ، الذي هو نوع غفلة واعراض ، والسالك مسافر الى ربه ، سائر اليه على مدى أنفاسه ، لا ينتهي مسيره اليه ما دام نفسه يصحبه ، شبّه حصول الاخبات له بالماء العذب الذي يرده المسافر على ظمأ وحاجة في أول مناهله ، فيرويه منهله ، ويزيل عنه خواطر تردده في اتمام سفره ، أو رجوعه الى وطنه لمشقة السفر.
فاذا ورد ذلك الماء زال عنه التردد وخاطر الرجوع ، كذلك السالك اذا سلك مورد الاخبات تخلص من التردد والرجوع ، ونزل أول منازل الطمأنينة بسفره ، وجدّ في السير»!.
والاخبات عندهم درجات ومراتب ، أولاها أن تسيطر عزيمة السالك على شهوته فلا يميل الى مطالب النفس ، بل تتغلب ارادته على غفلته ، وثانيتها ألا ينقض عزيمته سبب ، ولا تعرض له وحشة في سعيه نحو ربه ، ولا تقطع الفتنة عليه طريقه ، وثالثتها أن تعلو همته وتعلو ، حتى يستوي عنده المدح والذم ، فلا يفرح لمدح الناس ، ولا يحزن لذمهم.
وهم يرون أن النفس بشهواتها وميولها هي العائق الأكبر عن الوصول الى صدق التحلي بفضيلة الاخبات الى الله عزوجل ، وهي الحجاب الذي يحول دون وصول العبد الى الله ، ولذلك يقول ابن