لا يطيق جملها الا عشرة رجال ، واني لما جئت معه تقدمت أمامه ، فقال لي : كوني من ورائي ، فاذا اختلف عليّ الطريق فاحذفي لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق ، لأهتدي اليه.
والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم كانوا ـ كما يحدثنا القرآن في سورة آل عمران ـ يستعينون بفضيلة القوة على الثبات في المعارك ، فيقول القرآن : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) (علماء فقهاء كثيرون) (فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ، وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا ، وَثَبِّتْ أَقْدامَنا ، وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ). ولقد أدرك لوط عليهالسلام قيمة القوة وعبر عن فائدتها ، حينما رأى الخبثاء الفاسقين من قومه يحاولون الاعتداء على أضيافه ، فقال نهؤلاء الاضياف في ما جاء في سورة هود : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ).
وفي كتابي «الدين للحياة» صفحات تتحدث عن القوة في الاسلام بصفة عامة ، وعن القوة في القرآن بصفة خاصة ، وفيها أن الاسلام «هو دين القوة التي لا تطغى ، والشدة التي لا تبغي ، ولعل القرآن الكريم ، وهو دستور العربية الاعلى ـ قد أراد أن يبسط هذا المعنى في أسماع الناس وعقولهم ، وأن يؤكده في قلوبهم وأرواحهم ، حينما احتفل في حديثه عن القوة هذا الاحتفال.
ان القرآن الكريم يحدثنا عن صفات الله ذي الطول والانعام ، فيذكر لنا من هذه الصفات صفة القوة ، وفي وصف الله بالقوة أكثر من مرة ايحاء الى المؤمنين بأن يكونوا أقوياء ، لانهم يلجأون الى حصن منيع وعرش رفيع ، فلهم من ذلك قوة ، ولهم من ذلك أسوة. يقول القرآن المجيد : (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ). (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ). (وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) أي شديد القوة.