للقتال أشد الناس بأسا ، وكان الشجاع منا هو الذي يقترب منه في الحرب لشدة قربه من العدو».
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحبب في القوة العاقلة الفاضلة ، فكان يدعو ربه قائلا : «أعوذ بك من العجز والكسل». ويقول «المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير ، احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجز ، وان أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كذا لكان كذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل ، فان (لو) تفتح عمل الشيطان».
وبعض الناس ـ كما أوضحت في كتابي «من أدب النبوة» يتوهمون حين يسمعون صدر هذا الحديث أن المراد بالقوة فيه هو قوة البدن فحسب ، مع أن اطلاق القوة هنا يشمل قوة البدن وقوة العقل ، وقوة الروح ، وقوة العمل ، كما أن الضعف وهو ضد القوة يكون في هذه الأشياء كلها ، ولذلك ورد عن الرسول عليه الصلاة والسّلام قوله : «ليس الشديد بالصرعة ، انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» ، والصرعة هو الرجل الموفور القوة ، الذي يعتمد على متانة الأعضاء فحسب (١).
*
ويقول القرآن المجيد على لسان ابنة شعيب في حق موسى عليهالسلام : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) أي القادر على انجاز عمله بجد ونشاط ، مع أمانة واخلاص. ويروى أن أباها قال لها : وما علمك بقوته وأمانته؟. فأجابت : انه رفع الصخرة التي
__________________
(١) انظر كتابي «من أدب النبوة» ص ٢٩٧ ـ ٣٠١ طبع مطابع الاهرام التجارية بالقاهرة سنة ١٩٧١.