ما استحفظوا عليه من كتاب الله ، ولا عذر لهم في ترك استبانة الطريق الموصل الى ذلك بسهولة وقرب».
* * *
وقد تحدث الامام ابن تيمية طويلا عن الامانة عند الأئمة والحكام في كتابه «السياسة الشرعية في اصلاح الراعي والرعية» فذكر أولا أنه يجب على ولي الامر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين ، أصلح من يجده لذلك العمل ، لأن الحديث يقول : «من ولي من أمر المسلمين شيئا ، فولّى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله». ولأن عمر قال : «من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا لمودة أو قرابة بينهما ، فقد خان الله ورسوله والمسلمين» ويقرر ابن تيمية ان الامانة في هذا المجال واجبة على ولي الامر ، فيقول : «فيجب عليه البحث عن المستحقين للولايات ، من نوابه على الأمصار ، من الامراء الذين هم نواب ذي السلطان ، والقضاة ، ومن أمراء الاجناد ومقدمي العساكر الصغار والكبار ، وولاة الاموال من الوزراء والكتاب والشادين (أي الجامعين) والسعاة على الخراج والصدقات ، وغير ذلك من الاموال التي للمسلمين.
وعلى كل واحد من هؤلاء أن يستنيب ويستعمل أصلح من يجده ، وينتهي ذلك الى أئمة الصلاة والمؤذنين والمقرئين والمعلمين وأمير الحاج والبرد (جمع بريد ، وهم الذين ينقلون الرسائل) والعيون الذين هم القصاد ، وخزان الاموال ، وحراس الحصون ، والحدادين الذين هم البوابون على الحصون والمدائن ، ونقباء العساكر الكبار والصغار. وعرفاء القبائل والأسواق ورؤساء القرى الذين هم الدهاقين».