وبعد أن يبين خطر الخيانة يقول : «ثم ان المؤدي للامانة مع مخالفة هواه يثيبه الله ، فيحفظه في أهله وماله ، والمطيع لهواه يعاقبه الله بنقيض قصده ، فيذل أهله ، ويذهب ماله».
* * *
واذا كان القرآن المجيد قد عني بتزكية الامانة والتنويه بفضلها كمكرمة من مكارم الاخلاق الاسلامية ، فقد حمل على نقيضها وهي الخيانة حملة صادقة ، ونفر منها تنفيرا بليغا ، فقال في سورة النساء : (ولا تكن للخائنين خصيما) (١) أي مخاصما مدافعا عنهم ثم قال : (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ان الله لا يحب من كان خوانا أثيما) (٢). ويقول في سورة الانفال : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) (٣) وقال في سورة الحج : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) (٤). ويقول في سورة يوسف : (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) (٥).
ونستطيع أن نستخلص عبرة دقيقة عميقة حين نتذكر أنه بسبب الخيانة وفقدان الامانة قذف الله جل جلاله بامرأتين من نساء الأنبياء والمرسلين في النار ، فالله تعالى يقول في سورة التحريم : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ، كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ ، فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (٦).
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ١٠٥.
(٢) سورة النساء ، الآية ١٠٧.
(٣) سورة الانفال ، الاية ٥٨.
(٤) سورة الحج ، الآية ٣٨.
(٥) سورة يوسف ، الآية ٥٢.
(٦) سورة التحريم ، الآيتان ٩ و ١٠.