التجاذب الحسي أو الميل الجنسي الذي يقع بين الرجل والمرأة ، وهذا المعنى ليس هو المراد الأساسي في مجالنا هذا ، وان كان المعنى اللغوي العام لكلمة «المحبة» يشمله ، ولكن المراد بالمحبة هنا هو تلك الصفة النبيلة ، والفضيلة الجليلة ، التي تدفع صاحبها على الدوام الى محبة كلّ جميل ، والميل الى كل كريم وقويم من الأشياء والأحياء ، والقرآن الكريم يشير الى هذا الميل الطهور السامي عند أهل المحبة حينما يقول مثلا : (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا). ويقول : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ، وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا) (١). ويقول : (وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
ومن الواضح أن عامة الناس لا يحبون على هذا الوجه الجميل الرائع من المحبة ، وهناك كثيرون لا يبلغون هذا المستوى الرفيع من صفات الخير ، بل يظلون هناك في الدرك الأسفل من منازل الحب ، وفي أمثال هؤلاء يقول القرآن الكريم : (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً) (٢). ويقول : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) (٣). ويقول : (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) (٤). ويقول : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) (٥).
__________________
(١) سورة الحشر ، الآية ٩.
(٢) سورة الانسان الآية ٢٧.
(٣) سورة البقرة ، الآية ١٦٥.
(٤) سورة ابراهيم ، الآية ٣.
(٥) سورة فصلت ، الآية ١٧.