صلوات الله وسلامه عليه : «الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فانه يراك».
وقد عبّر ابن الأثير عن معنى هذه الكلمات المضيئة بتعبير موجز يقول فيه : «أراد بالاحسان الاخلاص ، وهو شرط في صحة الايمان والاسلام معا. وذلك أن من تلفظ بالكلمة ، وجاء بالعمل من غير نية الاخلاص. لم يكن محسنا ، ولا كان ايمانه صحيحا. وقيل : أراد بالاحسان الاشارة الى المراقبة وحسن الطاعة ، فان من راقب الله أحسن عمله. وقد أشار اليه في الحديث بقوله : فان لم تكن تراه فانه يراك».
والاحسان على هذا الأساس هو كمال الحضور مع الله تعالى ، والمراقبة الجامعة لخشيته ، والاخلاص له ، بأن يحسن الانسان قصده ، فيجعله خالصا متجردا لله ، فلا يستجيب ولا يطيع الا كلمة ربه ، وأمر دينه ، وأن يقدم على تنفيذ ما أمر الله به في قوة وعزم ، بلا ضعف أو وهن ، وأن يصفي نفسه من الشوائب والأهواء ، وأن يجعل نفسه كالمهاجر الدائم الى الله عزوجل.
وقد ضرب القرآن الكريم لعباده مثلا رائعا في هذا الاحسان ، وجاء هذا المثل فيما رواه كتاب الله عن قصة ابراهيم ، واقدامه على ذبح ابنه اسماعيل ، حيث يقول عنهما : (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى ، قالَ : يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ ، سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ، فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ، وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ).
وابراهيم كان محسنا غاية الاحسان ، لأن الاحسان هنا يتمثل في