قال المفسرون ان اللغو هنا هو التخالف عند شرب الخمر ، أو ما يلغى من الكلام ويؤثم فيه ، لان اللغو في العربية هو الفاسد المطروح. وقال : (إِلَّا سَلاماً) والسّلام ليس من اللغو ، فاستثنى السّلام من غير جنسه ، وفي هذا توكيد للمعنى المقصود ، فكأنه قد قال : اذا لم يسمعوا من الكلام الا السّلام ، فهم لن يسمعوا فيها لغوا ألبتة.
وكذلك قال القرآن المجيد في سورة الواقعة : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً ، إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً) (١). أي لا يسمعون فيها ما لا يعتد به من الكلام ، وهو الذي يورد لا عن روية وفكر ، ولا يسمعون نسبة الى الاثم ، أي لا يقال لهم : أثمتم ، ولكن يقول بعضهم لبعض : سلاما سلاما ، أي نسلم سلاما بعد سلام.
ويقول الله تبارك وتعالى في سورة الطور عن الجنة وأهلها : (يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم) (٢). أي يتعاطون ويتبادلون أو يتجاذبون في الجنة كأسا تجاذب المداعبة لشدة سرورهم ، وهذه الكأس لا لغو مع شربها ، ولأنها ليست ككأس الدنيا ، فهم لا يتكلمون في اثناء الشرب بلغو الحديث ولا بسقط الكلام ، ولا يفعلون ما ينسب الى الاثم ، وانما يتكلمون بالحكمة وحسن الكلام ، ويفعلون ما يفعله الكرام. أي أن الكأس لا تذهب بعقولهم فيلغوا أو يرفثوا فيأثموا ، كما كان ذلك في خمر الدنيا.
وكذلك يقول القرآن المجيد في سورة النبأ عن الجنة وأصحابها : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً) (٣) أي لا يسمعون فيها كلاما قبيحا ، ولا تكذيبا. أو لا يسمعون فيها باطلا ، وذلك ان اهل الجنة ـ كما
__________________
(١) سورة الواقعة ، الآيتان ٢٥ و ٢٦.
(٢) سورة الطور ، الآية ٢٣.
(٣) سورة النبأ ، الآية ٣٥.