المرء خير من عمله ، فان من انفق جميع أمواله رياء للناس ، لا ينال ـ كما يقول الرازي ـ من يتصدق برغيف لوجه الله تعالى.
ويقول القرآن الحكيم في سورة الانسان في حديثه عن صفات الابرار :
«وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ، إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً» (١).
أي ان هؤلاء الابرار الاخيار يطعمون الطعام لهؤلاء في الله جل ثناؤه ، وطمعا في ثوابه ورضاه ، لا يريدون عليه مكافأة ولا ثناء ، بل نيتهم خالصة لله عزوجل.
وجاء في سورة الليل قوله تعالى :
«فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى ، لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى ، الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ، وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ، الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى ، وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى ، وَلَسَوْفَ يَرْضى» (٢).
أي حذرتكم نارا تتلهب وتتوقد ، لا يذوق حرها الا الشقي الذي يكذب بدعوة النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأعرض عن الايمان والطاعة. وسيحفظ الله من النار المتقي الخائف الذي يعطي ماله المحتاجين اليه بلا رياء ولا سمعة ، وانما يتصدق بها مبتغيا وجه الله تعالى ، فهو لا يتصدق
__________________
(١) سورة الانسان ، الآية ٨ و ٩.
(٢) سورة الليل ، الآية ١٤ ـ ٢١.