الاول : أخلصت عملي لله. يقال : أسلمت الشيء لفلان ، أي أخلصته له ، ولم يشاركه فيه غيره.
الثاني : أسلمت وجه عملي لله ، فكل ما يصدر مني من الاعمال ، فالوجه في الاتيان بها هو عبوديتي لله تعالى ، والانقياد لالهيته وحكمه.
الثالث : أسلمت نفسي لله ، وليس في العبادة مقام أعلى من اسلام النفس لله ، فيصير العبد كأنه موقوف على عبادته ، عادل عن كل ما سواه.
وقيل ان معنى الآية السابقة : ان جادلوك بالاقاويل المزورة والمغالطات ، فأسند أمرك الى ما كلفت به من الايمان والتبليغ ، وتوجه الى الله بذاتك ، كما جاء في الحديث الشريف : «سجد وجهي للذي خلقه وصوره ، وكأن النص الكريم يقول ـ كما يعبر الاستاذ الامام محمد عبده ـ ان من يقصد الى الحجاج ، بعد تأييد الحق ، وتفنيد الباطل ، لا يقصد الا الى المجادلة والمشاغبة ، لمحض العناد والمشاكسة ، وذلك شأن المبطلين ، وأما طالب الحق فانه يبخل بالوقت أن يضيع.
ولقد تعرض الفخر لمعنى اسلام الوجه لله عند تفسير قوله تعالى في سورة البقرة :
«بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» (١).
وذكر في ذلك وجوها :
أولها : أن الوجه أشرف الاعضاء ، من حيث انه معدن الحواس والفكر والتخيل ، فاذا تواضع الاشرف ، كان غيره بالتواضع أولى.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١١٢.