ويقول التنزيل المجيد في سورة الانعام :
«إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» (١).
وهذا الكلام على لسان أبي الانبياء خليل الرحمن ابراهيم عليهالسلام. أي وجهت عبادتي وطاعتي لربي ، وذلك لأن من كان مطيعا لغيره ، منقادا لامره ، فانه يتوجه بوجهه اليه ، فجعل توجيه الوجه كناية عن الطاعة.
وانما جعلت وجهي خالصا لله ، لأنه الذي أبدع خلق السموات والارض وما فيهن ، وأكمل خلقهن أطوارا.
ويقول الحق جل جلاله في سورة الاعراف :
«قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ، وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ، وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ، كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» (٢) :
أي أقبلوا على مساجد الله ، وعلى الصلاة فيها باخلاص. والاخلاص يقتضي تجرد النية ، ولذلك يقول الرسول عليه الصلاة والسّلام : «انما الاعمال بالنيات». ويقول : «ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اعمالكم. ولكن ينظر الى قلوبكم ونياتكم».
والمعنى : أعطوا لربكم توجهكم عند كل مسجد تعبدون الله فيه ، مع صحة النية ، وحضور القلب ، وصرف الشواغل ، وادعوه مخلصين له
__________________
(١) سورة الانعام ، الآية ٧٩.
(٢) سورة الاعراف ، الآية ٢٩.