الدين. ولنتذكر أن كل شيء من أعمال العباد هالك وباطل ، الا ما أريد به وجه الله ، ولذلك يقول القرآن في سورة القصص :
«وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ، لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» (١).
ويقول في سورة يونس :
«وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» (٢).
واقامة الوجه هنا كناية ـ كما يقول الرازي ـ عن توجيه العقل بالكلية الى طلب الدين ، لأن من يريد أن ينظر الى شيء نظرا بالاستقصاء فانه يقيم وجهه في مقابلته ، بحيث لا يصرفه عنه بالقليل ولا بالكثير ، لأنه لو صرفه عنه ولو بالقليل ، لبطلت تلك المقابلة ، واذا بطلت فقد اختل الابصار ، فلهذا حسن جعل اقامة الوجه للدين كناية عن صرف العقل بالكلية الى طلب الدين ، وحنيفا أي مائلا اليه ميلا كليا ، معرضا عما سواه اعراضا كليا ، ويتحقق ذلك بالاخلاص التام ، وعدم الالتفات الى غيره.
ويقول التنزيل الحكيم في سورة الروم :
«فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ، لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ، ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ،
__________________
(١) سورة القصص ، الآية ٨٨.
(٢) سورة يونس ، الآية ١٠٥.