وأما الحكماء فان لهم طريقة واحدة في الدعوة الى الحق والفضيلة مبنية على طلب العدل في الافكار. والاخلاق. وقد يكون الحكيم الذي يدعو الى ذلك متدينا ، ويجري في الاقناع على الطريقة المذكورة آنفا ، وقد يكون غير متدين ، وهو مع ذلك يدعو الى القسط والعدل عن طريق العقل ، بحسب ما وصل اليه علمه مع الصدق والاخلاص.
والاقدام على قتل هؤلاء دليل على غمط العقل ومقت العدل ، وأقبح بذلك جرما ، وكفى به اثما.
وهناك أناس أولى بالقسط من غيرهم ، كاليتامى الذين يستحقون مزيدا من الرعاية والعناية ، ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى :
«وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً» (١).
أي عليكم أن تعنوا عناية خاصة بتحري القسط مع اليتامى على أتم الوجوه وأكملها ، بل ينبغي أن يعامل اليتيم بالفضل لا بمجرد العدل ، ولمعاملة اليتيم ثلاث درجات : الاولى درجة الحرام وهو هضم أي حق من حقوقه ، والثانية القيام له بالقسط ، وألا يظلمه أحد في حقه ، والثالثة الزيادة بالفضل والاكرام.
ويقول الله تعالى في سورة النساء :
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ١٢٧.