واختاروا ما اختار ، وتركوا ما ترك ، وصبروا ما صبر ، وعادوا من عادى ، ووالوا من والى ، وفضلوا من فضل ، ورغبوا فيما رغب ، وحذروا ما حذر ، لأن عائشة رضي الله عنها ، سئلت عن خلق رسول الله عليه الصلاة والسّلام ، فقالت : كان خلقه القرآن. تعني موافقة القرآن.
وروي عن النبي عليه الصلاة والسّلام أنه قال : بعثت بمكارم الاخلاق».
* * *
واذا كان الامام ابن القيم يقول : ان العاقل اللبيب يرضى أن يكون له أسوة برسل الله وأنبيائه وأوليائه وخاصة خلقه ، فان هذا القول من هذا الامام ينبغي له أن يذكرنا بأسوة حسنة لها مكانتها وقيمتها ، وتتمثل هذه الاسوة في أبي الانبياء وخليل الرحمن ابراهيم عليهالسلام ـ جد نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ـ وفي هذه الاسوة يقول كتاب الله المجيد ، في سورة الممتحنة :
«قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ» (١).
فقد أرشد الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين الى التأسي بابراهيم عليهالسلام ، ومن آمن معه ، وجعلهم قدوة لهم في سيرتهم التي كانت من هداية الله تعالى لهم.
وابراهيم هو داعية التوحيد الاول ، وصاحب الحنيفية السمحة ، ومقاوم الشرك والوثنية في الزمن القديم ، ففيه تتجلى الاسوة ، وتتألق القدوة ، التي تنير الطريق للسائر ، في الثبات على العقيدة ، والاستقامة في الطريقة ، وتقديم حق الله على من عداه ، وابراهيم هو جد محمد ، وهذه السلالة المؤمنة الطاهرة التي تناسلت من ذرية إبراهيم ، وعرفت الطريق الى ربها ، والتزمت النهج الذي سار عليه رائدها وقائدها ابراهيم ، والذي
__________________
(١) سورة الممتحنة ، الآية ٤.