خلفه في التزامه والسير عليه حفيده العظيم محمد عليه الصلاة والسّلام ، قد تطلبت لها الاسوة والقدوة من ابراهيم ومحمد ، وهكذا ـ كما يعبر صاحب ظلال القرآن ـ «ينظر المسلم فاذا له نسب عريق ، وماض طويل ، وأسوة ممتدة على آماد الزمن ، واذا هو راجع الى ابراهيم ، لا في عقيدته فحسب ، بل في تجاربه التي عاناها كذلك ، فيشعر أن له رصيدا من التجارب أكبر من رصيده الشخصي ، وأكبر من رصيد جيله الذي يعيش فيه.
ان هذه القافلة الممتدة في شعاب الزمن من المؤمنين بدين الله ، الواقفين تحت راية الله ، قد مرت بمثل ما يمر به ، وقد انتهت في تجربتها الى قراز اتخذته ، فليس الامر جديدا ولا مبتدعا ، ولا تكليفا يشق على المؤمنين ، ثم ان له لأمة طويلة عريضة ، يلتقي معها في العقيدة ويرجع اليها ، اذا انبتت الروابط بينه وبين أعداء عقيدته ، فهو فرع من شجرة ضخمة باسقة عميقة الجذور ، كثيرة الفروع ، وارفة الظلال ... الشجرة التي غرسها أول المسلمين : ابراهيم.
مر ابراهيم والذين معه بالتجربة التي يعانيها المسلمون المهاجرون.
وفيهم أسوة حسنة :
«إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ : إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ، كَفَرْنا بِكُمْ ، وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً ، حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ» (١).
ثم يضيف : «وفي نهاية هذا العرض لموقف ابراهيم والذين معه ،
__________________
(١) سورة الممتحنة ، الآية ٤.