أولها : مجانبة الهوى ومخالفته ونهي نفسه عنه ، لأن اتباعه يصد عن التبتل.
وثانيها : ـ وهو بعد مخالفة الهوى ـ تنسم روح الانس ، والرّوح للروح كالروح للبدن ، فهو روحها وراحتها ، وانما حصل له هذا الروح لما أعرض عن هواه ، فحينئذ تنسم روح الانس بالله ، ووجد رائحته ، اذ النفس لا بد لها من التعلق. فلما انقطع تعلقها من هواها وجدت روح الانس بالله ، وهبت عليها نسماته ، فريّحتها وأحيتها.
وثالثها : شيم برق الكشف ، وهو مطالعته واستشرافه ، والنظر اليه ، ليعلم به مواقع الغيث ومساقط الرحمة.
وليس مراده بالكشف ههنا : الكشف الجزئي السفلي ، المشترك بين البر والفاجر ، والمؤمن والكافر ، كالكشف عن مخبآت الناس ومستورهم ، وانما هو الكشف عن ثلاثة أشياء ، هن منتهى كشف الصادقين أرباب البصائر :
أحدها : الكشف عن منازل السير.
والثاني : الكشف عن عيوب النفس ، وآفات الاعمال ومفسداتها.
والثالث : الكشف عن معاني الاسماء والصفات ، وحقائق التوحيد والمعرفة.
وهذه الابواب الثلاثة هي مجامع علوم القوم ، وعليها يحومون ، وحولها يدندنون ، واليها يشمرون ، فمنهم من جلّ كلامه في الآفات والقواطع ، ومنهم من جل كلامه في التوحيد والمعرفة ، وحقائق الاسماء والصفات.
والصادق الذكي يأخذ من كل منهم ما عنده من الحق ، فيستعين به