ويقال الأب يذكر بالحرمة والحشمة فكذلك اذكرنا بالهيبة مع ذكر لطيف القربة بحسن التربية.
وقال : «كذكركم آباءكم» ولم يقل أمهاتكم لأن الأب يذكر احتراما والام تذكر شفقة عليها والله يرحم ولا يرحم.
«أو أشد ذكرا» لأن الحق أحق ، ولأنك قد تستوحش كثيرا عن أبيك ، والحق سبحانه منزه عن أن يخطر ببال من يعرفه أنه بخلاف ما يقتضي الواجب حين ان كان ذرة».
وحينما تعرض صاحب «لطائف الاشارات» لقوله تعالى : «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» علق عليها بهذه العبارة : «الوجل شدة الخوف ، ومعناه هاهنا أن يخرجهم الوجل عن أوطان الغفلة ، ويزعجهم عن مساكن الغيبة ، فاذا انفصلوا عن أودية التفرقة ، وفاءوا الى مشاهد الذكر ، نالوا السكون الى الله عزوجل ، فيزيدهم ما يتلى عليهم من آياته تصديقا على تصديق ، وتحقيقا على تحقيق ، فاذا طالعوا جلال قدره ، وأيقنوا قصورهم عن ادراكه ، توكلوا عليه في امدادهم بالرعاية في نهايتهم ، كما استخلصهم بالعناية في بدايتهم.
ويقال : سنة الحق سبحانه مع أهل العرفان أن يرددهم بين كشف جلال ولطف جمال ، فاذا كاشفهم بجلاله وجلت قلوبهم ، واذا لاطفهم بجماله سكنت قلوبهم ، قال الله تعالى : «وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ».
ويقال : «وجلت قلوبهم بخوف فراقه ، ثم تطمئن وتسكن أسرارهم بروح وصاله ، وذكر الفراق يغنيهم ، وذكر الوصال يصحيهم ويحييهم».
ولا تنس أن هذا كلام يسير على طريقة الصوفية الخاصة بهم.