وفي سورة الاعلى يقول الحق تبارك وتعالى :
«قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى».
ويقول الامام محمد عبده ان قوله : «وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى» معناه : لاحظ بسره ما يجب أن يعرفه عن ربه ، فيحضر في قلبه صفاته العلية فيخشع لذلك ، فالصلاة هنا بمعنى الخشوع واللجوء الى الله ، فهو كقوله سبحانه : «انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم».
وقد يكون مع الخشوع صلاة من الصلوات المكتوبة أو جميعها ، وانما عبر عن الخشوع بالصلاة ، لأنه لبها والمقصود منها ، والصلاة دون خشوع شبح بلا روح.
ويطالب القرآن بذكر الله عند الامن بعد الخوف ، فيقول في سورة البقرة : «فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ» أي اذا زال عنكم الخوف ، وتحقق لكم الامان بفضل الله فاشكروه على هذه النعمة.
والله جل جلاله يطالب بالذكر في كل الاوضاع والاحوال. أليس هو القائل في سورة آل عمران :
«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ : الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ» (١).
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ١٩٠ ـ ١٩١.