وفيما أفاض عليهم من سائر نعمه وأرزاقه .. (١).
وقال القرطبي ما ملخصه : وقوله : (جانِبَ) نصب على المفعول الثاني لقوله واعدنا ..
و (الْأَيْمَنَ) نصب لأنه نعت للجانب ، إذ ليس للجبل يمين ولا شمال.
وتقدير الآية : وواعدناكم إتيان جانب الطور ثم حذف المضاف. أى : أمرنا موسى أن يأمركم بالخروج معه ليكلمه بحضرتكم فتسمعوا الكلام وقيل : وعد موسى بعد إغراق فرعون أن يأتى جانب الطور الأيمن فيؤتيه التوراة ، فالوعد كان لموسى ، ولكن خوطبوا به لأن الوعد كان لأجلهم .. (٢).
وقوله : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) نعمة ثالثة من نعمه ـ سبحانه ـ عليهم.
والمن : مادة حلوة لزجة تشبه العسل كانت تسقط على الشجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
والسلوى : طائر لذيذ الطعم ، يشبه الطائر الذي يسمى السمانى ، كانوا يأخذونه ويتلذذون بأكله.
وقيل : هما كناية عما أنعم الله به عليهم ، وهما شيء واحد ، سمى أحدهما «منا» لامتنان الله ـ تعالى ـ عليهم ، وسمى الثاني «سلوى» لتسليتهم به.
أى : ونزلنا عليكم بفضلنا ورحمتنا وأنتم في التيه تلك المنافع والخيرات التي تأخذونها من غير كد أو تعب.
والأمر في قوله ـ سبحانه ـ (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) للإباحة ، والجملة مقول لقول محذوف. أى : وقلنا لهم كلوا من طيبات ما رزقناكم من المن والسلوى ، ومن غيرهما من اللذائذ التي أحلها الله لكم.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ) فيحل عليكم غضبى ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى تحذير لهم من تجاوز الحدود التي شرعها الله ـ تعالى ـ لهم ، إذ الطغيان مجاوزة الحد في كل شيء.
والضمير في قوله (فِيهِ) يعود إلى الموصول الذي هو (ما) في قوله : (ما رَزَقْناكُمْ) ويحل ـ بكسر الحاء ـ بمعنى يجب. يقال : حل أمر الله على فلان يحل حلالا بمعنى وجب.
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٣ ص ٧٩.
(٢) تفسير القرطبي ج ١١ ص ٢٣٠.