والإد والإدة ـ بكسر الهمزة ـ الأمر الفظيع والداهية الكبيرة. يقال : فلان أدته الداهية فهي تئده وتؤدة ، إذا نزلت به وحطمت كيانه.
وقوله ـ سبحانه ـ : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ...) في موضع الصفة لقوله (إِدًّا).
أى : لقد جئتم بقولكم هذا أمرا منكرا فظيعا ، تكاد السموات (يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) أى : يتشققن من هوله ، من التفطير بمعنى التشقيق ، يقال : فلان فطر هذا الشيء يفطره ـ بكسر الطاء وضمها ـ إذا شقه. وقرأ حمزة وابن عامر ينفطرن من الانفطار وهو الانشقاق ـ أيضا ـ.
(وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ) أى : وتتصدع الأرض من عظمه ، وتنخسف بهؤلاء القائلين ذلك القول الفاسد ، (وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) أى : وتسقط الجبال مهدودة ـ أيضا ـ من فظاعة هذا القول. يقال : هذا الجدار يهده ـ بضم الهاء ـ هدا : إذا هدمه.
وقوله : (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً* وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) بمنزلة التعليل لما قبله مع تقدير لام التعليل المحذوفة.
أى : تكاد السموات يتفطرن والأرض تتشقق ، والجبال تنهد ، لأن هؤلاء الضالين قد زعموا أن الله ـ تعالى ـ ولدا ، والحال أنه ما يصح وما يليق أن يتخذ الرحمن ولدا ، لأنه ـ سبحانه ـ غنى عن العالمين.
قال صاحب الكشاف ما ملخصه : «إن قلت : ما معنى هذا التأثر من أجل هذه الكلمة؟.
قلت : فيه وجهان : أحدهما أن الله ـ سبحانه ـ يقول : كدت أفعل هذا بالسموات والأرض والجبال عند وجود هذه الكلمة غضبا منى على من تفوه بها .. لو لا أنى لا أعجل بالعقوبة ...
والثاني : أن يكون استعظاما للكلمة ، وتهويلا من فظاعتها وتصويرا لأثرها في الدين ، وهدمها لأركانه وقواعده ، وأن مثال ذلك الأثر في المحسوسات : أن يصيب هذه الأجرام العظيمة التي هي قوام العالم : ما تنفطر منه وتنشق وتخر ..» (١).
وقال الإمام القرطبي : «نفى عن نفسه ـ سبحانه وتعالى ـ الولد ، لأن الولد يقتضى الجنسية والحدوث .. ولا يليق به ذلك ، ولا يوصف به ، ولا يجوز في حقه ...
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٣ ص ٤٤.