يجوز (١).
قال الآلوسى ما ملخصه : وقوله : (أَكادُ أُخْفِيها) أقرب أن أخفى الساعة ولا أظهرها ، بأن أقول إنها آتية .. أو أريد إخفاء وقتها المعين وعدم إظهاره .. فكاد بمعنى أراد ، وإلى هذا ذهب الأخفش وغيره .. وروى عن ابن عباس أن المعنى : أكاد أخفيها من نفسي ، فكيف أظهركم عليها .. وهذا محمول على ما جرت به عادة العرب من أن أحدهم إذا أراد المبالغة في كتمان الشيء قال : كدت أخفيه عن نفسي.
وقال أبو على : المعنى أكاد أظهرها بأن أوقعها ، وهذا بناء على أن أخفيها من ألفاظ السلب بمعنى أزيل خفاءها .. (٢).
ويبدو لنا أن الإخفاء هنا على حقيقته ، وأن المقصود من الآية الكريمة إخفاء وقت مجيء الساعة عن الناس. حتى يكونوا على استعداد لمجيئها عن طريق العمل الصالح الذي ينفعهم يوم القيامة.
فحكمة الله ـ تعالى ـ اقتضت إخفاء وقت الساعة ، وعدم إطلاع أحد عليها إلا بالمقدار الذي يأذن الله ـ تعالى ـ به لرسله.
قال الإمام ابن جرير ما ملخصه : «والذي هو أولى بتأويل الآية من القول : قول من قال معناه : أكاد أخفيها من نفسي .. لأن المعروف من معنى الإخفاء في كلام العرب : الستر. يقال : قد أخفيت الشيء إذا سترته .. وإنما اخترنا هذا القول على غيره لموافقته أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين .. (٣).
وقوله : (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) متعلق بآتية ، وجملة (أَكادُ أُخْفِيها) معترضة بينهما.
أى : إن الساعة آنية لا ريب فيها ، لكي تجزى كل نفس على حسب سعيها وعملها في الدنيا.
قال ـ تعالى ـ : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) (٤).
وقال ـ سبحانه ـ : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
ثم حذر ـ سبحانه ـ من عدم الاستعداد للساعة. ومن الشك في إتيانها فقال :
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ٨٥.
(٢) تفسير الآلوسى ج ١٦ ص ١٧٢.
(٣) تفسير ابن جرير ج ١٦ ص ١١٤.
(٤) سورة الإسراء الآية ١٩.