وأخرج ابن سعد عن البراء بن عازب قال : قيل : يا رسول الله! إنّ أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يهجوك ، فقام ابن رواحة فقال : يا رسول الله! ائذن لي فيه ، فقال : «أنت الذي تقول ثبّت الله؟» فقال : نعم يا رسول ، قلت :
ثبّت الله ما أعطاك من حسن |
|
تثبيت موسى ونصرا مثل ما نصرا |
قال : «وأنت ، ففعل الله بك مثل ذلك» ثم وثب كعب فقال : يا رسول الله ائذن لي فيه؟ فقال : «أنت الذي تقول همّت؟» قال : نعم يا رسول الله ، قلت :
همّت سخينة (١) أن تغالب ربّها |
|
فلتغلبنّ مغالب الغلاب |
فقال : «أما إنّ الله لم ينس ذلك لك» ثم قام حسان فقال : يا رسول الله! ائذن لي فيه ، وأخرج لسانا له أسود ، فقال : يا رسول الله لو شئت لفريت به المراد ، ائذن لي فيه ، فقال : «اذهب إلى أبي بكر فليحدّثك حديث القوم وأيّامهم وأحسابهم ، واهجهم وجبريل معك». وأخرج أحمد وابن سعد عن أبي هريرة قال : مرّ عمر بحسان وهو ينشد في المسجد فلحظ إليه فنظر إليه ، فقال : قد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك ، فسكت ثم التفت حسان إلى أبي هريرة فقال : أنشدك بالله هل سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «أجب عني ، اللهمّ أيّده بروح القدس؟» قال : نعم. وأخرج ابن سعد من حديث جابر مرفوعا نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة عن بريدة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ من الشعر حكما ومن البيان سحرا». وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا يريه ، خير من أن يمتلئ شعرا». وفي الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا». قال في الصحاح : ورى القيح جوفه يريه وريا : إذا أكله. قال القرطبي : روى إسماعيل بن عباس عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «حسن الشّعر كحسن الكلام وقبيح الشّعر كقبيح الكلام». قال القرطبي : رواه إسماعيل عن عبد الله بن عون الشامي وحديثه عن أهل الشام صحيح فيما قال يحيى بن معين وغيره. قال : وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الشّعر بمنزلة الكلام حسنه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيح الكلام». وأخرج مسلم من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه قال : ردفت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : هل معك من شعر أميّة بن أبي الصّلت؟ قلت : نعم. قال : هيه فأنشدته بيتا ، فقال : هيه ، حتى أنشدته مائة بيت». وأخرج ابن أبي حاتم عن فضالة بن عبيد في قوله : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) قال : هؤلاء الذين يخربون البيت.
__________________
(١). في القرطبي : جاءت سخينة : والسخينة : طعام حار يتّخذ من دقيق وسمن ـ وقيل : من دقيق وتمر ـ أغلظ من الحساء وأرقّ من العصيدة ، وكانت قريش تكثر من أكلها ، فعيّرت بها حتى سمّوا سخينة.