ودّعنا قبل أن نودّعه |
|
لمّا قضى من شبابنا وطرا |
قرأ الجمهور (زَوَّجْناكَها) وقرأ عليّ ، وابناه الحسن والحسين : زوّجتكها ، فلما أعلمه الله بذلك دخل عليها بغير إذن ، ولا عقد ، ولا تقدير صداق ، ولا شيء مما هو معتبر في النكاح في حق أمته. وقيل : المراد به : الأمر له بأن يتزوّجها. والأوّل أولى ، وبه جاءت الأخبار الصحيحة ، ثم علل سبحانه ذلك بقوله : (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) أي : ضيق ومشقة (فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ) أي : في التزوّج بأزواج من يجعلونه ابنا ، كما كانت تفعله العرب ، فإنهم كانوا يتبنون من يريدون ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوسلم قد تبنى زيد بن حارثة ، فكان يقال زيد بن محمّد حتى نزل قوله سبحانه : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) وكانت العرب تعتقد أنه يحرم عليه نساء من تبنوه ، كما تحرم عليه نساء أبنائهم حقيقة. والأدعياء : جمع دعيّ ، وهو الذي يدعى ابنا من غير أن يكون ابنا على الحقيقة ، فأخبرهم الله أن نساء الأدعياء حلال لهم (إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً) بخلاف ابن الصلب ، فإن امرأته تحرّم على أبيه بنفس العقد عليها (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) أي : كان قضاء الله في زينب أن يتزوّجها رسول الله صلىاللهعليهوسلم قضاء ماضيا مفعولا لا محالة. ثم بين سبحانه أنه لم يكن على رسول الله صلىاللهعليهوسلم حرج في هذا النكاح ، فقال : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) أي : فيما أحلّ الله له وقدّره وقضاه ، يقال فرض له كذا ، أي قدّر له (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) أي : إن هذا هو السنن الأقدم في الأنبياء ، والأمم الماضية أن ينالوا ما أحله الله لهم من أمر النكاح وغيره (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) أي : قضاء مقضيا. قال مقاتل : أخبر الله أن أمر زينب كان من حكم الله وقدره ، وانتصاب سنة على المصدر ، أي : سنّ الله سنة الله ، أو اسم وضع موضع المصدر ، أو منصوب بجعل ، أو بالإغراء. وردّه أبو حيان بأن عامل الإغراء لا يحذف. ثم ذكر سبحانه الأنبياء الماضين ، وأثنى عليهم فقال : (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ) والموصول في محلّ جر صفة ل «للذين خلوا» أو منصوب على المدح ، مدحهم سبحانه بتبليغ ما أرسلهم به إلى عباده وخشيته في كلّ فعل وقول ، ولا يخشون سواه ، ولا يبالون بقول الناس ، ولا بتعبيرهم ، بل خشيتهم مقصورة على الله سبحانه : (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) حاضرا في كلّ مكان يكفي عباده كلّ ما يخافونه ، أو محاسبا لهم في كلّ شيء. ولما تزوج صلىاللهعليهوسلم زينب قال الناس : تزوج امرأة ابنه ، فأنزل الله : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) أي : ليس بأب لزيد بن حارثة على الحقيقة حتّى تحرم عليه زوجته ، ولا هو أب لأحد لم يلده. قال الواحدي : قال المفسرون : لم يكن أبا أحد لم يلده ، وقد ولد له من الذكور إبراهيم والقاسم والطيب والمطهر. قال القرطبي : ولكن لم يعش له ابن حتى يصير رجلا. قال : وأما الحسن والحسين فكانا طفلين ولم يكونا رجلين معاصرين له (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) قال الأخفش والفراء : ولكن كان رسول الله ، وأجازا الرفع. وكذا قرأ ابن أبي عبلة بالرفع في رسول ، وفي خاتم على معنى : ولكن هو رسول الله ، وخاتم النبيين ، وقرأ الجمهور : بتخفيف لكن ، ونصب رسول ، وخاتم ، ووجه النصب : على خبرية كان المقدرة كما تقدّم ، ويجوز أن يكون بالعطف على أبا أحد. وقرأ أبو عمرو في رواية عنه بتشديد لكن ، ونصب رسول على أنه اسمها ، وخبرها محذوف ، أي : ولكن رسول الله هو : وقرأ