بادلني امرأتك وأبادلك امرأتي : أي تنزل لي عن امرأتك ، وأنزل لك عن امرأتي ، فأنزل الله : (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) قال : فدخل عيينة بن حصن الفزاري إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم وعنده عائشة ، فدخل بغير إذن ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أين الاستئذان؟ قال : يا رسول الله! ما استأذنت على رجل من الأنصار منذ أدركت ، ثم قال : من هذه الحميراء إلى جنبك؟ فقال رسول الله : هذه عائشة أم المؤمنين ، قال : أفلا أنزل لك عن أحسن خلق الله؟ قال : يا عيينة إن الله حرّم ذلك ، فلما أن خرج قالت عائشة : من هذا؟ قال : أحمق مطاع ، وإنه على ما ترين لسيد قومه».
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً (٥٣) إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٥٤) لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٥٥))
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ) هذا نهي عام لكل مؤمن أن يدخل بيوت رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلا بإذن منه. وسبب النزول : ما وقع من بعض الصحابة في وليمة زينب ، وسيأتي بيان ذلك آخر البحث إن شاء الله. وقوله : (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) استثناء مفرّغ من أعمّ الأحوال ، أي : لا تدخلوها في حال من الأحوال إلا في حال كونكم مأذونا لكم ، وهو في موضع نصب على الحال ، أي : إلّا مصحوبين بالإذن ، أو بنزع الخافض ، أي : إلا بأن يؤذن لكم ، أو منصوب على الظرفية ، أي : إلا وقت أن يؤذن لكم ، وقوله : (إِلى طَعامٍ) متعلق بيؤذن على تضمينه معنى الدعاء ، أي : إلا أن يؤذن لكم مدعوّين إلى طعام ، وانتصاب : (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) على الحال ، والعامل فيه يؤذن أو مقدّر ، أي : ادخلوا غير ناظرين ، ومعنى ناظرين : منتظرين ، وإناه : نضجه وإدراكه ، يقال : أني يأنى أنى : إذا حان وأدرك. قرأ الجمهور «غير ناظرين» بالنصب. وقرأ ابن أبي عبلة غير بالجرّ : صفة لطعام ، وضعف النحاة هذه القراءة لعدم بروز الضمير ولكنه جاريا على غير من هو له ، فكان حقه أن يقال غير ناظرين إناه أنتم ثم بين لهم سبحانه ما ينبغي في ذلك فقال : (وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا) وفيه تأكيد للمنع ، وبيان الوقت الذي يكون فيه الدخول ، وهو عند الإذن. قال ابن العربي : وتقدير الكلام : ولكن إذا دعيتم ، وأذن لكم فادخلوا ، وإلا فنفس الدعوة لا تكون إذنا كافيا في الدخول ، وقيل : إن فيه دلالة بينة على أن المراد بالإذن إلى الطعام : هو الدعوة إليه (فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) أمرهم سبحانه بالانتشار بعد الطعام ، وهو التفرّق ، والمراد الإلزام بالخروج من المنزل الذي