إذا المرء أعيته السيادة ناشئا |
|
فمطلبها كهلا عليه عسير |
وقول الآخر :
تسليت طرّا عنكم بعد بينكم |
|
بذكراكم حتّى كأنّكم عندي |
وقول الآخر :
غافلا تعرض المنيّة للمر |
|
ء فيدعى ولات حين إباء |
وممن رجح كونها حالا من المجرور بعدها ابن عطية ، وقال : قدمت للاهتمام والتقوّي ، وقيل : المعنى إلا ذا كافة ، أي : ذا منع ، فحذف المضاف. قيل : واللام في (لِلنَّاسِ) بمعنى : إلى ، أي : وما أرسلناك إلى الناس إلا جامعا لهم بالإنذار والإبلاغ ، أو مانعا لهم من الكفر والمعاصي ، وانتصاب (بَشِيراً وَنَذِيراً) على الحال ، أي : مبشرا لهم بالجنة ، ومنذرا لهم من النار (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ما عند الله وما لهم من النفع في إرسال الرسل (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي : متى يكون هذا الوعد الذي تعدونا به وهو قيام الساعة أخبرونا به إن كنتم صادقين ، قالوا هذا على طريقة الاستهزاء برسول الله صلىاللهعليهوسلم ومن معه من المؤمنين فأمر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يجيب عنهم فقال : (قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ) أي : ميقات يوم وهو يوم البعث. وقيل : وقت حضور الموت ، وقيل : أراد يوم بدر لأنه كان يوم عذابهم في الدنيا ، وعلى كلّ تقدير فهذه الإضافة للبيان ، ويجوز في ميعاد : أن يكون مصدرا مرادا به الوعد ، وأن يكون اسم زمان. قال أبو عبيدة : الوعد والوعيد والميعاد بمعنى. وقرأ ابن أبي عبلة بتنوين (مِيعادُ) ورفعه ، ونصب «يوم» على أن يكون ميعاد مبتدأ ، ويوما ظرف ، والخبر لكم. وقرأ عيسى بن عمر برفع «ميعاد» منوّنا ، ونصب «يوم» مضافا إلى الجملة بعده. وأجاز النحويون (مِيعادُ يَوْمٍ) برفعهما منوّنين على أن ميعاد مبتدأ ويوم بدل منه ، وجملة (لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) صفة لميعاد ، أي : هذا الميعاد المضروب لكم لا تتأخرون عنه ولا تتقدّمون عليه ، بل يكون لا محالة في الوقت الذي قد قدّر الله وقوعه فيه. ثم ذكر سبحانه طرفا من قبائح الكفار ، ونوعا من أنواع كفرهم فقال : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) وهي : الكتب القديمة ، كالتوراة والإنجيل ، والرسل المتقدّمون. وقيل : المراد بالذي بين يديه الدار الآخرة. ثم أخبر سبحانه عن حالهم في الآخرة فقال : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) الخطاب لمحمّد صلىاللهعليهوسلم ، أو لكل من يصلح له ، ومعنى موقوفون عند ربهم : محبوسون في موقف الحساب (يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ) أي : يتراجعون الكلام فيما بينهم باللوم والعتاب بعد أن كانوا في الدنيا متعاضدين متناصرين متحابين. ثم بين سبحانه تلك المراجعة فقال : (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) وهم الأتباع (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) وهم الرؤساء المتبوعون (لَوْ لا أَنْتُمْ) صددتمونا عن الإيمان بالله ، والاتباع لرسوله (لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) بالله مصدّقين لرسوله وكتابه (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) مجيبين عليهم مستنكرين لما قالوه (أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى) أي : منعناكم عن الإيمان