النجاة من العذاب ومنعوا من ذلك ، وقيل : حيل بينهم وبين ما يشتهون في الدنيا من أموالهم وأهليهم ، أو حيل بينهم وبين ما يشتهونه من الرجوع إلى الدنيا (كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) أي : بأمثالهم ونظرائهم من كفار الأمم الماضية ، والأشياع جمع شيع ، وشيع جمع شيعة ، وجملة : (إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) تعليل لما قبلها ، أي : في شك موقع في الريبة أو ذي ريبة من أمر الرسل والبعث والجنة والنار ، أو في التوحيد وما جاءتهم به الرسل من الدين ، يقال أراب الرجل : إذا صار ذا ريبة فهو مريب ، وقيل : هو من الريب الذي هو الشكّ ، فهو كما يقال : عجب عجيب وشعر شاعر.
وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (فَلا فَوْتَ) قال : فلا نجاة : وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) قال : هو جيش السفياني ، قيل من أين أخذوا؟ قال : من تحت أقدامهم. وقد ثبت في الصحيح أنه يخسف بجيش في البيداء من حديث حفصة وعائشة ، وخارج الصحيح من حديث أمّ سلمة وصفية وأبي هريرة وابن مسعود ، وليس في شيء منها أن ذلك سبب نزول هذه الآية ، ولكنه أخرج ابن جرير من حديث حذيفة بن اليمان قصة الخسف هذه مرفوعة ، وقال في آخرها : فذلك قوله عزوجل في سورة سبأ (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) الآية. وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ) قال : كيف لهم الرّد (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) قال : يسألون الردّ ، وليس بحين ردّ. وأخرج ابن المنذر عن التيمي قال : أتيت ابن عباس قلت : ما التناوش؟ قال : تناول الشيء وليس بحين ذاك.
* * *