أشهد على الله أن يدخلهم جميعا الجنة. وأخرج الفريابي ، وابن جرير ، وابن مردويه عنه قال : قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية «(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) قال : كلهم ناج وهي هذه الأمة». وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد عن ابن عباس في الآية قال : هي مثل التي في الواقعة أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة. والسابقون : صنفان ناجيان ، وصنف هالك. وأخرج الفريابي ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي عنه في قوله : فمنهم ظالم لنفسه قال : هو الكافر ، والمقتصد : أصحاب اليمين. وهذا المرويّ عنه رضي الله عنه لا يطابق ما هو الظاهر من النظم القرآني ، ولا يوافق ما قدّمنا من الروايات عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعن جماعة من الصحابة. وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن عبد الله بن الحارث أن ابن عباس سأل كعبا عن هذه الآية ، فقال نجوا كلهم ، ثم قال : تحاكت مناكبهم وربّ الكعبة ، ثم أعطوا الفضل بأعمالهم ، وقد قدّمنا عن ابن عباس ما يفيده أن الظالم لنفسه من الناجين ، فتعارضت الأقوال عنه. وأخرج الترمذي ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم تلا قول الله (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً) فقال : «إنّ عليهم التّيجان ، إنّ أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب». وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ) الآية قال : هم قوم في الدنيا يخافون الله ، ويجتهدون له في العبادة سرّا وعلانية ، وفي قلوبهم حزن من ذنوب قد سلفت منهم ، فهم خائفون أن لا يتقبل منهم هذا الاجتهاد من الذنوب التي سلفت ، فعندها (قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) غفر لنا العظيم ، وشكر لنا القليل من أعمالنا. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه عنه في الآية قال : حزن النار.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٣٧) إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٣٨) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَساراً (٣٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً (٤٠) إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤١) وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤٢) اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً (٤٣) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ