قالت عائشة : ولم يقل تحققا لئلا يعربه فيصير شعرا ، وإسناده هكذا : قال أخبرنا أبو عبيد الله الحافظ : يعني الحاكم حدّثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن نعيم حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن خلال النحوي الضرير حدّثنا علي بن عمرو الأنصاري حدّثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة فذكره. وقد سئل المزّي عن هذا الحديث فقال : هو منكر ولم يعرف شيخ الحاكم ولا الضرير.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥) فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٦) أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨١) إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣))
ثم ذكر سبحانه قدرته العظيمة ، وإنعامه على عبيده ، وجحد الكفار لنعمه فقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً) والهمزة للإنكار والتعجيب من حالهم ، والواو للعطف على مقدّر كما في نظائره والرؤية هي القلبية ، أي : أو لم يعلموا بالتفكر والاعتبار (أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ) أي : لأجلهم (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا) ، أي : مما أبدعناه وعملنا من غير واسطة ولا شركة ، وإسناد العمل إلى الأيدي مبالغة في الاختصاص ، والتفرّد بالخلق كما يقول الواحد منا : عملته بيدي للدلالة على تفرّده بعمله ، وما بمعنى الذي ، وحذف العائد لطول الصلة ، ويجوز أن تكون مصدرية ، والأنعام جمع نعم ، وهي البقر والغنم والإبل ، وقد سبق تحقيق الكلام فيها. ثم ذكر سبحانه المنافع المترتبة على خلق الأنعام فقال : (فَهُمْ لَها مالِكُونَ) أي ضابطون قاهرون يتصرفون بها كيف شاؤوا ، ولو خلقناها وحشية لنفرت عنهم ولم يقدروا على ضبطها ، ويجوز أن يكون المراد أنها صارت في أملاكهم ، ومعدودة من جملة أموالهم المنسوبة إليهم نسبة الملك (وَذَلَّلْناها لَهُمْ) أي : جعلناها لهم مسخرة لا تمتنع مما يريدون منها من منافعهم حتى الذبح ، ويقودها الصبيّ فتنقاد له ، ويزجرها فتنزجر ، والفاء في قوله : (فَمِنْها رَكُوبُهُمْ) لتفريع أحكام التذليل عليه ؛ أي : فمنها مركوبهم الذي يركبونه كما يقال ناقة حلوب : أي محلوبة. قرأ الجمهور «ركوبهم» بفتح الراء. وقرأ الأعمش والحسن وابن السميقع بضم الراء على المصدر. وقرأ أبيّ وعائشة «ركوبتهم» والركوب والركوبة واحد ، مثل الحلوب والحلوبة والحمول والحمولة ، وقال أبو عبيدة : الركوبة تكون للواحدة والجماعة ، والركوب لا يكون إلا للجماعة. وزعم أبو حاتم أنه لا يجوز فمنها ركوبهم بضم الراء لأنه مصدر ، والركوب ما يركب ، وأجاز