فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ (٥١) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ (٥٢) هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ (٥٣) إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ (٥٤))
قوله : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ) معطوف على قوله : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ) وأيوب عطف بيان ، و (إِذْ نادى رَبَّهُ) بدل اشتمال من عبدنا (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ) قرأ الجمهور بفتح الهمزة على أنه حكاية لكلامه الذي نادى ربه به ، ولو لم يحكه لقال إنه مسه. وقرأ عيسى بن عمر بكسرها على إضمار القول. وفي ذكر قصة أيوب إرشاد لرسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الاقتداء به في الصبر على المكاره. قرأ الجمهور بضم النون من قوله : (بِنُصْبٍ) وسكون الصاد ، فقيل : هو جمع نصب بفتحتين نحو أسد وأسد ، وقيل : هو لغة في النصب ، نحو رشد ورشد. وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع ، وشيبة وحفص ، ونافع في رواية عنه بضمتين ، ورويت هذه القراءة عن الحسن. وقرأ أبو حيوة ويعقوب وحفص في رواية بفتح وسكون ، وهذه القراءات كلها بمعنى واحد ، وإنما اختلفت القراءات باختلاف اللغات .. وقال أبو عبيدة : إن النصب بفتحتين : التعب والإعياء ، وعلى بقية القراءات الشرّ والبلاء ، ومعنى قوله : (وَعَذابٍ) أي ألم. قال قتادة ومقاتل : النصب في الجسد ، والعذاب في المال. قال النحاس وفيه بعد كذا قال. والأولى تفسير النصب بالمعنى اللغوي وهو التعب والإعياء ، وتفسير العذاب بما يصدق عليه مسمى العذاب وهو الألم ، وكلاهما راجع إلى البدن (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) هو بتقدير القول : أي قلنا له : اركض برجلك كذا قال الكسائي : والركض الدفع بالرجل ، يقال ركض الدابة برجله : إذا ضربها بها. وقال المبرد : الركض التحريك. قال الأصمعي : يقال ركضت الدابة ، ولا يقال ركضت هي ، لأن الركض إنما هو تحريك راكبها رجليه ، ولا فعل لها في ذلك ، وحكى سيبويه : ركضت الدابة فركضت ، مثل جبرت العظم فجبر (هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ) هذا أيضا من مقول القول المقدّر : المغتسل هو الماء الذي يغتسل به ، والشراب الذي يشرب منه. وقيل : إن المغتسل هو المكان الذي يغتسل فيه. قال قتادة : هما عينان بأرض الشام في أرض يقال لها الجابية فاغتسل من إحداهما فأذهب الله ظاهر دائه ، وشرب من الأخرى فأذهب الله باطن دائه ، وكذا قال الحسن. وقال مقاتل نبعت عين جارية فاغتسل فيها فخرج صحيحا ، ثم نبعت عين أخرى فشرب منها ماء عذبا باردا. وفي الكلام حذف ، والتقدير : فركض برجله فنبعت عين ، فقلنا له : هذا مغتسل إلخ ، وأسند المسّ إلى الشيطان مع أن الله سبحانه هو الذي مسه بذلك : إما لكونه لما عمل بوسوسته عوقب على ذلك النصب والعذاب. فقد قيل إنه أعجب بكثرة ماله ، وقيل استغاثه مظلوم فلم يغثه ، وقيل : إنه قال ذلك على طريقة الأدب ، وقيل إنه قال ذلك لأن الشيطان وسوس إلى أتباعه فرفضوه وأخرجوه من ديارهم ، وقيل المراد به ما كان يوسوسه الشيطان إليه حال مرضه وابتلائه من تحسين الجزع وعدم الصبر على المصيبة ، وقيل غير ذلك. وقوله : (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ) معطوف على مقدّر كأنه قيل : فاغتسل وشرب ، فكشفنا بذلك ما به من ضرّ ووهبنا له أهله. قيل : أحياهم الله بعد أن أماتهم. وقيل : جمعهم بعد تفرقهم ، وقيل : غيرهم مثلهم ، ثم زاده مثلهم معهم ، وهو معنى قوله :