فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨) قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١) فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (١٤))
قوله : (حم) قد تقدم الكلام على إعرابه ومعناه في السورة التي قبل هذه السورة فلا نعيده ، وكذلك تقدّم الكلام على معنى (تَنْزِيلٌ) وإعرابه. قال الزجاج والأخفش : تنزيل مرفوع بالابتداء ، وخبره : (كِتابٌ فُصِّلَتْ) وقال الفراء : يجوز أن يكون على إضمار هذا ، ويجوز أن يقال كتاب بدل من قوله تنزيل ، و (مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) متعلق بتنزيل ، ومعنى (فُصِّلَتْ آياتُهُ) : بينت أو جعلت أساليب مختلفة ، قال قتادة : فصلت ببيان حلاله من حرامه وطاعته من معصيته. وقال الحسن : بالوعد والوعيد. وقال سفيان : بالثواب والعقاب ولا مانع من الحمل على الكل. والجملة في محلّ نصب صفة لكتاب. وقرئ «فصلت» بالتخفيف ، أي : فرقت بين الحق والباطل ، وانتصاب (قُرْآناً عَرَبِيًّا) على الحال ، أي : فصلت آياته حال كونه قرآنا عربيا. وقال الأخفش : نصب على المدح ، وقيل : على المصدرية ، أي : يقرؤه قرآنا ، وقيل : مفعول ثان لفصلت ، وقيل : على إضمار فعل يدل عليه فصلت ، أي : فصلناه قرآنا عربيا (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي يعلمون معانيه ويفهمونها : وهم أهل اللسان العربي. قال الضحاك : أي يعلمون أن القرآن منزل من عند الله. وقال مجاهد : أي يعلمون أنه إله واحد في التوراة والإنجيل ، واللام متعلقة بمحذوف صفة أخرى لقرآن ، أي : كائنا لقوم أو متعلق بفصلت ، والأول أولى ، وكذلك (بَشِيراً وَنَذِيراً) : صفتان أخريان لقرآنا ، أو حالان من كتاب ، والمعنى : بشيرا لأولياء الله ، ونذيرا لأعدائه. وقرئ (بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) بالرفع على أنهما صفة لكتاب ، أو خبر مبتدأ محذوف (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ) المراد بأكثر هنا : الكفار ، أي : فأعرض الكفار عما اشتمل عليه من النذارة (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) سماعا ينتفعون به لإعراضهم عنه (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ) أي : في أغطية مثل الكنانة التي فيها السهام ، فهي لا تفقه ما تقول ، ولا يصل إليها قولك ، والأكنة : جمع كنان ، وهو الغطاء ، قال مجاهد : الكنان للقلب : كالجنة للنبل ، وقد تقدّم بيان هذا في البقرة (وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) أي : صمم ، وأصل الوقر : الثقل. وقرأ طلحة بن مصرف «وقر» بكسر الواو. وقرئ بفتح الواو والقاف ، و (مِنْ) في (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) لابتداء الغاية ، والمعنى : أن الحجاب ابتدأ منا ، وابتدأ منك ، فالمسافة المتوسطة بين جهتنا وجهتك مستوعبة بالحجاب لا فراغ فيها ، وهذه تمثيلات لنبو قلوبهم عن إدراك الحق ، ومج أسماعهم له ، وامتناع المواصلة بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم (فَاعْمَلْ إِنَّنا