يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ) قرأ الجمهور بهمز (يَشَأْ) وقرأ ورش عن نافع بلا همز. وقرأ الجمهور (الرِّيحَ) بالإفراد ، وقرأ نافع «الرياح» على الجمع : أي يسكن الريح التي تجري بها السفن (فَيَظْلَلْنَ) أي : السفن (رَواكِدَ) أي : سواكن ثوابت (عَلى ظَهْرِهِ) البحر ، يقال ركد الماء ركودا : سكن ، وكذلك ركدت الريح وركدت السفينة وكل ثابت في مكان فهو راكد. قرأ الجمهور (فَيَظْلَلْنَ) بفتح اللام الأولى ، وقرأ قتادة بكسرها ، وهي لغة قليلة (إِنَّ فِي ذلِكَ) الذي ذكر من أمر السفن (لَآياتٍ) دلالات عظيمة (لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) أي : لكل من كان كثير الصبر على البلوى كثير الشكر على النعماء. قال قطرب : الصبار الشكور الذي إذا أعطى شكر وإذا ابتلى صبر. قال عون بن عبد الله :
فكم من منعم عليه غير شاكر |
|
وكم من مبتلى غير صابر |
(أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا) معطوف على يسكن : أي يهلكهنّ بالغرق ، والمراد أهلكهنّ بما كسبوا من الذنوب ، وقيل : بما أشركوا. والأوّل أولى ، فإنه يهلك في البحر المشرك وغير المشرك ، يقال أوبقه : أي أهلكه (وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ) من أهلها بالتجاوز عن ذنوبهم فينجيهم من الغرق. قرأ الجمهور (يَعْفُ) بالجزم عطفا على جواب الشرط. قال القشيري : وفي هذه القراءة إشكال لأن المعنى : إن يشأ يسكن الريح فتبقى تلك السفن رواكد أو يهلكها بذنوب أهلها فلا يحسن عطف (يَعْفُ) على هذا ، لأنه يصير المعنى : إن يشأ يعف وليس المعنى ذلك ، بل المعنى الإخبار عن العفو من غير شرط المشيئة فهو إذن عطف على المجزوم من حيث اللفظ لا من حيث المعنى ، وقد قرأ قوم «ويعفوا» بالرفع وهي جيدة في المعنى. قال أبو حيان : وما قاله ليس بجيد إذ لم يفهم مدلول التركيب ، والمعنى : إلا أنه تعالى أهلك ناسا وأنجى ناسا على طريق العفو عنهم ، وقرأ الأعمش «ويعفوا» بالرفع ، وقرأ بعض أهل المدينة بالنصب بإضمار أن بعد الواو كما في قول النابغة :
فإن يهلك أبو قابوس يهلك |
|
ربيع النّاس والشّهر الحرام |
ونأخذ بعده بذناب عيش |
|
أجبّ الظّهر ليس له سنام |
بنصب ونأخذ (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) قرأ الجمهور بنصب (يَعْلَمَ) قال الزجاج : على الصرف ، قال : ومعنى الصرف صرف العطف على اللفظ إلى العطف على المعنى ، قال : وذلك أنه لما لم يحسن عطف ، ويعلم ، مجزوما على ما قبله إذ يكون المعنى : إن يشأ يعلم عدل إلى العطف على مصدر الفعل الذي قبله ، ولا يتأتى ذلك إلا بإضمار أن لتكون مع الفعل في تأويل اسم ، ومن هذا بيتا النابغة المذكوران قريبا ، وكما قال الزجاج. قال المبرّد وأبو عليّ الفارسي : واعترض على هذا الوجه بما لا طائل تحته. وقيل : النصب على العطف على تعليل محذوف ، والتقدير : لينتقم منهم ويعلم. واعترضه أبو حيان بأنه ترتب على الشرط إهلاك قوم ونجاة قوم فلا يحسن تقدير لينتقم منهم. وقرأ نافع ، وابن عامر برفع «يعلم» على الاستئناف وهي قراءة ظاهرة المعنى واضحة اللفظ. وقرئ بالجزم عطفا على المجزوم قبله على معنى : وإن