قبل أن يبعث النبي صلىاللهعليهوسلم لا يخالطهم في طعامهم أعمى ولا مريض ولا أعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام ، فنزلت رخصة في مؤاكلتهم. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود في مراسيله وابن جرير والبيهقي عن الزهري أنه سئل عن قوله : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) ما بال الأعمى والأعرج والمريض ذكروا هنا؟ أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمناهم ، وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم ، يقولون قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا ، وكانوا يتحرّجون من ذلك يقولون لا ندخلها وهم غيب. فأنزل الله هذه الآية رخصة لهم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان هذا الحيّ من بني كنانة بن خزيمة يرى أحدهم أن عليه مخزاة أن يأكل وحده في الجاهلية ، حتى إن كان الرجل يسوق الزود الحفّل وهو جائع حتى يجد من يؤاكله ويشاربه ، فأنزل الله (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة وأبي صالح قالا : كان الأنصار إذا نزل بهم الضيف لا يأكلون حتى يأكل الضيف معهم ، فنزلت رخصة لهم. وأخرج الثعلبي عن ابن عباس في الآية ، قال خرج الحارث غازيا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وخلف على أهله خالد بن يزيد ، فحرج أن يأكل من طعامه ، وكان مجهودا فنزلت. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (أَوْ صَدِيقِكُمْ) قال : إذا دخلت بيت صديقك من غير مؤامرته ، ثم أكلت من طعامه بغير إذنه لم يكن بذلك بأس. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : (أَوْ صَدِيقِكُمْ) قال : هذا شيء قد انقطع ، إنما كان هذا في أوّله ولم يكن لهم أبواب ، وكانت الستور مرخاة ، فربما دخل الرجل البيت وليس فيه أحد ، فربما وجد الطعام وهو جائع فسوّغه الله أن يأكله. وقال : ذهب ذلك ، اليوم البيوت فيها أهلها ، فإذا خرجوا أغلقوا ، فقد ذهب ذلك. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) يقول : إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أنفسكم (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ) وهو السلام ، لأنه اسم الله ، وهو تحية أهل الجنة. وأخرج البخاري وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تحية من عند الله (مُبارَكَةً طَيِّبَةً). وأخرج عبد الرزّاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله : (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) قال : هو المسجد إذا دخلته فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن ابن عمر قال : إذا دخل البيت غير المسكون ، أو المسجد فليقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢) لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ