أورد الزمخشري سؤالين ، أحدهما : إن الأصنام لا تعقل فهلا قيل : كما لا يخلق؟ وأجاب ابن عرفة : بأنه لو عبر بها لكان الإنكار عليهم بأمرين من حيث كونها لا يخلق فقط ، وأجاب الزمخشري بأمرين : إما لأنهم سموها لنكتة وعيدوها فهو على نحو ما كانوا يعتقدون ، ورده ابن عرفة : بأنه إقرار لهم على معتقدهم وإما بأنهم عاملوها معاملة ما لا يعقل فروعي فيه [٤٦ / ٢٢٣] المشكلة بينه وبين من يخلق ، ورده ابن عرفة بأن المشاكلة إنما تكون حيث التساوي كقوله تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) [سورة آل عمران : ٥٤] ، وقوله :
وقالوا اقترح لونا يجاد طبيخه |
|
قلت اطبخوا لي جبة وقميصا |
فالأول : شئت ، والثاني : كذلك وإما هذا فالأول مثبت والثاني منفي ، السؤال الثاني إنه إنما أنكر عليهم بتشبيههم من يخلق بمن لا يخلق ، فكان الأصل أن يقال :
(أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) لأن همزة الاستفهام إنما تدخل على المنكر والمسئول عنه ، وأجاب الزمخشري : بجواب لا يفهم.
قال ابن عرفة : إنما عادتهم أن يجيبون بأن الإنكار إنما يكون إلزام الخصم نقيض دعواه أما إذا كان الإنكار بإلزامه حين الدعوى فلا يصح هنا لو قيل لهم : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) لم يكن الإنكار راجعا لنفي المساواة فلم يبق إلا أن يقال إن الله تعالى متصف بنقيض ما اتصف به معبودهم ، وهو الخلق فيكون المراد الإشعار بتنقيص معبودهم والتنقيص موجب لعدم الألوهية فليس المراد نفي مساواة الناقص للكامل إنما المراد الأشعار بتنقيص الناقص لأنه إذا قيل : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) يقولون :
نعم نحن شبهنا من لا يخلق بمن يخلق وقصارا أن يوجب تنقيص المشبه وكذلك هو منتقص فلما قيل : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) كان الإنكار راجعا لتشبيه الخالق بمن لم يخلق لأن تشبيهه به يوجب تنقيص البارئ والتنقيص موجب لعدم الألوهية ، وقد قال : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [سورة الزخرف : ٨٧] فيستلزم نقيض دعواهم.
قوله تعالى : (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً).
مصدر مضاف مؤكد لنفسه فهو نفي أعم لا نفي أخص.
قوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها).
ابن عرفة : قالوا إذا كان الشرط عين الجزاء كانت القضية باطلة مثل أن قام زيد والعد هو الإحصاء فكأنه قيل : إن تعدوا نعمة الله لا تعدوها فلابد فيه من حذف ،