قوله تعالى : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ).
ولم يقل : آيات الله ، أو القهار ، أو العزيز ، أو الجبار شبيه بالأدنى على الأعلى ؛ إشارة إلى أنهم إذا سمعوا آيات الرحمن والرحمة يبكون ويسبحون ؛ فأحرى إذا سمعوا آية التخويف والموعظة.
قوله تعالى : (سُجَّداً).
قال أبو حيان : حال مقدرة ؛ لأنهم حال الخرور والقعود.
قال أبو حيان : ك (شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) [سورة البروج : ٣].
قال ابن عرفة : شهود ليس إلا جمع ، وشهود وقعود يحتمل الجمع والمصدر ، كما أن (بُكِيًّا) يحتمل الجمع إذا تلوها هم بأنفسهم هل يكون أحرى فيمن جاورهم أو مساويا أبدا؟ قلنا : يحتمل الأخروية والتساوي ، ويحتمل أن يكون من جاورهم بسماعها من غيرهم أمرا ، كما قال النبي صلّى الله عليه وعلى آله الطيبين وسلم : " إني أحب أن أسمعه من غيري".
قوله تعالى : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ).
العطف بالفاء يقتضي كمال القرب بين زمنهم وزمن هؤلاء المخالفين لهم ؛ ولذلك قال ابن عطية : بينهم ستون سنة ، وأنه أقل ما تبدل فيه الأحوال ، وكذلك قال النبي صلّى الله وعلى آله الطيبين وسلم : " : خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" ، والمراد القرب بينهم وبين أخرهم وهو عيسى عليهالسلام ، وحينئذ يحصل كمال البعد بينهم بمجموعهم وبين المخالفين لهم ، هذا إن قلنا : إن الخلف في النصارى ، وإن قلنا : إن اليهود فيهم فيكون المراد من بعدهم ، والخلف بالفتح في الخير وبالسكون في الشر ، ومنه حديث خرجه مسلم في كتاب الزكاة : " ما من يوم يأتي إلا وملكان يناديان فيه يقول أحدهما اللهم أعط منفق خلفا ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسك تلفا".
قال ابن عرفة : والمراد بالأول الإنفاق في الواجب والمندوب والإمساك عن النفقة الواجبة ؛ لأنه إخبار من المشرع بالدعاء له وعليه ففيه ذم فاعله ؛ فدل على أنه واجب.
قوله تعالى : (أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ).
قال ابن عرفة : قالوا : اتباع الشهوات سبب لإضاعة الصلاة ؛ لأن من اتبع شهوة النفس مكنها من غرضها في الراحة والتكاسل عن الطاعة.