قال ابن عرفة : المناسب لهذا إن كان يفرح ؛ لأنه يعلم أنه صدق وأنهم يؤمنون به ، قيل له : إن اعتبر ظاهر الأمر يخاف ، وإن اعتبر باطنه يفرح.
قوله تعالى : (قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ).
قال ابن عرفة : إن راعينا ظاهر الآية فهي بينة واحدة ؛ لأنهم لم يشاهدوا منه غير العصا فجمعها لاختلاف حالاتها ، كقوله : فقلت اجعلوا لي ضوءا [.....] وهو النجوم من غير [...] ؛ لكن ذكر المفسرون أنهم رأوا الجنة والنار واطلعوا على أمور دلتهم على صحة ما جاء به موسى ، والمعنى لن أؤثرك تخويفك لنا على ما جاءنا به موسى من البينات.
قوله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ).
صيغة أفعل للإهانة ، وقالوا : (ما) إما موصولة بمعنى الذي ، أو مصدرية.
قال بعض الطلبة : ويحتمل أن يكون ما نافية ، واستعبده ابن عرفة ؛ لقوله تعالى : (إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا) فدل على إثبات مصابه في الدنيا.
ابن عرفة : الظاهر هل هذا أمر تكميل مندوب إليه ، أو أمر واجب ركن لا يحصل الإيمان إلا به؟ والظاهر أنه مندوب ، لقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) [سورة النحل : ١٠٦] فلو أضمروا الإيمان ولم يقل هذه المقالة لإجزائهم؟ فأجيب بأن الإكراه عندهم يخلص من عهدة الواجب ؛ لقوله تعالى : (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ) فدل على أن المكره مؤاخذ بإثم ما أكره على فعله.
وقال الفخر ابن الخطيب الإمام الرازي في أسرار التنزيل : من عبد الله تعالى لينجوا من النار ويدخل الجنة فعبادته باطلة بإجماع.
وقال : [٥٣ / ٢٥٨] ابن [...] في سراج المريدين : هذا مذهب المتصوفين ، قال : والإخلاص عندهم أن يعبد لا لجنة ولا لنار ، قال : وهو عندي لا يصح ، وقال القاضي أبو بكر : هذا كفر وانظر ما قيدت به [.....] على صعيد واحد في كتاب البر والصلة.
قوله تعالى : (وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ).
قال أبو حيان : ما جعلها بعضهم نافية ، ومن السحر متعلق ببغض.
ورده ابن عرفة بأن ما النافية لها صدر الكلام فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها.
قوله تعالى : (فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى).