قال ابن عطية : إما أنه عصى أن يأكل من شجرة معينة وتركها وأكل من شجرة أخرى من جنسها ، وقيل : إن النهي إنما كان على جهة الندب لا على التحريم.
ورده بعضهم بأن العصيان إنما يصدق على فاعل المحرم ، وأجاب بعضهم بأن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا ، بأن العصيان كان يطلق عندهم على فعل ما لا يجوز فعله.
قوله تعالى : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً).
عقبه بالفاء إشارة إلى أن العداوة سبب في الهداية أو عداوته سبب في أن ينبعث إليهم الرسل [٥٤ / ٢٥٩] يهدونهم إلى طريق الحق.
قال ابن عرفة : وهذه الآية عندي دالة على أن بعثة الرسل محض تفضيل من الله تعالى وليست واجبة ؛ إذ لو كانت واجبة كما يقول المعتزلة لقال : فإذا يأتيكم مني هدى ، فعبر باللفظ المقتضي للتحقيق.
قوله تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ).
إن قلت : لم أعاد الظاهر ، وهلا قال : فمن اتبعه فلا يضل ولا يشقى ، فالجواب : أن الهدى الأول عام ؛ كقوله تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) [سورة الإنسان : ٣] ، والثاني : خاص بدليل إضافته إلى الله تعالى فهي إضافة تشريف ؛ أي فمن اتبع هداي الموصول إلى طريق الحق.
قوله تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي).
ولم يقل : عنه ؛ لأن الإعراض عن ذكر الله يستلزم الإعراض عن الهدى بخلاف العكس.
قوله تعالى : (لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً).
قال ابن عرفة : إن كان قوله في هذا حقا فهو دليل على أن العمى في العين وإن كان باطلا فهو عمى البصيرة ؛ لأنه ادعى أنه كان سليم البصيرة ، وهذا نظير قوله تعالى : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ* خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ) [سورة القلم : ٤٢ ـ ٤٣].
قوله تعالى : (قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها).
ونسيناك وهذا لا يصح ، فقال : قد يجمع بين العلة والمعلول في شيء واحد.
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ).