ولم يقل : وكذلك ننجي المسبحين ، كما قال : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ) [سورة الصافات : ١٤٣ ـ ١٤٤] مراعاة لأول القصة في التسبيح ، وأول القصة (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ) فمن حصل له هذه الكلمة نجا ، وأن لم يكن مسبحا.
قوله تعالى : (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ).
قال ابن عرفة : عادتهم يقولون : ما أفاد قوله (بَيْنَهُمْ؟) فكانوا يجيبون بأن مادة التقسيم تفيد الانقسام بين الشخصين ، فلو قال : تقسموا أمرهم لأفاد أن كل واحد منهم أخذ منه قسما بخلاف قوله : تقطعوا لحمهم ، أو أمرهم بأنه يحتمل ؛ لأن يكون تقطعوه وأخذ بعضهم بعضه ، والبعض الآخر أخذه أجنبي ، أو أخذ كله بعضهم ، فلو قال : بينهم أفاد قسمة بين المتقطعين أنفسهم.
قوله تعالى : (كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ).
التنوين عوض عن ضمير مضاف أو مجرور ، فإنه قدر مضافا كان كلا ، وإن قدر مجرورا ؛ فإن كلية أي كل منه وهو أولى لإفادته تعلق علم الله بالجزئيات ، وفي الآية الوعد له طائع والوعيد للعاصي.
وقوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ).
الآية حجة لأهل السنة في أن الإيمان هو مجرد التصديق ، وأنه غير العمل الصالح ، ولو كان هو نفس العمل لكان قوله (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) تأكيدا وأجاب بعض الطلبة : بأنهم يقولون إن الإيمان هو الأعمال الصالحة الواجبة ، والآية تناولت مطلق الأعمال واجبها ومندوبها.
قوله تعالى : (حَتَّى فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ).
ذكر ابن عرفة : ما قال المفسرون وذا عن بعضهم إن حتى غاية.
كقوله تعالى : (وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ).
لما ورد من أن الشمس إذا طلعت من مغربها تغلق باب التوبة ولا يقع بعدها عمل صالح ، فلا يكتب الأعمال الصالحة ، وإنما يكتب السيئة مع إن يأجوج ومأجوج مقارب أو مقارن طلوع الشمس من مغربها.
وزاد أنه وقف بعض النحويين ، وهو ابن خروف : على أن الغاية إنما هي لازمة بحتى الجارة فقط ، فإن قلت : لم هنا فتحت ، وقال في الكهف : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) [سورة الكهف : ٩٨] ، الفتحة أخف من الدك ، بأن