قصد الشاطبي ؛ لأنه معنى حسي ، وإنما قصد الشاطبي التنبيه على قراءة قوله : (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ) [سورة الفرقان : ٧] ، قلت : إنما يجيء هذا على قضية النون لا على رفعها.
قوله تعالى : (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى).
قال الزمخشري : وعن ابن عباس ، أن معاوية قال له : ضربتني أمواج القرآن البارحة ، ففرقت فيها فلم أجد لنفسي خلاصا إلا بك قال : وما هي يا معاوية فقرأ هذه الآية ، قال : أو يظن أن نبي الله لن نقدر عليه ، فإن هذا من القدر لا من القدرة.
قال ابن عرفة : أي من الإرادة ، أي يظن أن لن نريد عقوبته.
قال ابن عرفة : وتحمل الآية على ظاهرها ؛ لأن إمام الحرمين ذكر في الشامل خلافا هل يتعلق القدرة بنقيض الواقع أم لا ، فذهب أهل السنة المنع ، والمعتزلة أجازوه ، فنحن الآن جلوس هنا فهل يصح أن يقال : غير قادر على أن يوجدنا في هذا الزمان نفسه في موضع آخر أم لا؟ أهل السنة منعوا ذلك ، والمعتزلة أجازوا إطلاق ذلك ، والواقع في الوجود معلوم ، والمستقبل مظنون ، فإذا كنت ظانا أنك تقوم غدا ، وغلب ذلك على ظنك فتقول هذا مذهب المعتزلة أن الله غير قادر على جلوسي غدا ، فكذلك يونس عليهالسلام ، تعلق ظنه لشيء ، فظن أن القدرة على نقيضه منفية.
قوله تعالى : (فَنادى).
ولم يقل : قال إشارة إلى رفع صوته بذلك ، أو إشارة إلى النداء تنبيه من أراد إقباله عليك.
قوله تعالى : (فِي الظُّلُماتِ).
دليل على الظلمات أمر وجودي ، وجمع الظلمات بناء على أن العرض لا يبقى زمانين ، أو لكون النداء المدة بعد المرة ، فكل نداء في الظلمات ، أو بناء على الظروف لابد أن تكون أوسع من الظرف ، وفيه دليل على أن الظروف في الظروف في الشيء مظروف في ذلك الشيء ؛ لأن يونس نادى في بطن الحوت ، والحوت في بطن حوت آخر أكبر منه والحوت الكبير في البحر.
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).